أقلّ واجبات الزمالة تقتضي منّي أن أتوجه لزميلي وصديقي الاستاذ محمد الصبيحي بجزيل الشكر والامتنان على تعييني قائداً لكتيبة الدفاع عن الحكومة، وهو، وإن لم يمنحني رتبة عسكرية، فأظنّه لم يقصد أقلّ من عقيد!
وأكثر من ذلك، فأشكره على اعتباره أنّني افتتحت صالوناً لتجميل التعديل الحكومي، وأمّا تقديره بأنّني كنتُ قبل وجودي عضواً في اللجنة الملكية شخصاً مختلفاً عمّا أنا عليه الآن، فهذا رأيه الذي احترمه وأترك الرأي الأخير للقراء، ولكنّني أسجّل هنا أنّني تشرفت بالعضوية التي أكسبتني تجربة ثرية جديدة، وفخور بالمخرجات التي أعتبرها تقدّمية، حتى لو تعرّضت للتشويه المبرمج!
مقالتي حول التعديل لم تهدف، لا سمح الله، للإساءة إلى أيّ زميل، ولكنّني لاحظت تناقضاً فرددتُ عليه، وبعبارات منتقاة بعناية، وفي حقيقة الأمر فقد مرّت علينا، الزملاء وأنا، خلال مسيرتنا المهنية، المئات من التعديلات، وغلب على الكتابات الشخصنة، باعتبار أنّها تُعنى بأشخاص، لأنّ الحكم على التنفيذ مفتوح على المستقبل.
والتصيّد ليس إبن اللحظة، ولكنّه حمل يوم أمس مفارقات صعبة الهضم، فقيل وعُمم على نطاق واسع أنّ وزيراً جديداً هو إبن وزير في السلطة الفلسطينية، مع أنّه إبن أهمّ طبيب عظام في تاريخنا، وتمّ تعميم صورة لوزيرة جديدة وهي تُقسم على الإنجيل مع تساؤل واستنكار، مع أنّها مسيحية والإنجيل هو كتاب ديانتها المقدّس، كما جرى تعميم مقابلة قديمة لوزير يتحدث فيها عن اخفاقاته العملية ثمّ يشرح كيفية نهوضه ونجاحاته بعدها، ولكنّ تمّ قصّ النجاحات والابقاء على الفشل!
كيف لي، إذن، يا صديقي أبا المؤمن، أن أمرّ في كتابتي على ذلك باعتباره من المسلمات، وأنا أعرف أنّه غير صحيح، وهل عليّ أن أضع رأسي بين الرؤوس وأقول: يا قطّاع الرؤوس، مشاركاً في حملة ظالمة هدفت إلى التصيّد، وخلق زوبعة من الغبار؟
يا صديقي الأستاذ محمد، أنا قُلت: لا يمكننا أن نقيس الاداء قبل معرفة الاداء نفسه، ودعوت إلى مهلة نختبر فيها هؤلاء الأشخاص كلاً على حدة، وعمل الفريق كلّه بمن فيهم رئيس الحكومة نفسه، وحينها سيكون لكلّ حادث حديث!
يبقى أنني حين أتحدّث عن الكتابة والكتّاب، وأنّ القراء يملكون ذاكرة تستطيع التمييز بين موقفين متناقضين للشخص نفسه، كُنت أشمل نفسي بهذا بالطبع وبالضرورة، ولا يمكنني أن أدّعي بأنّني كنتُ دائماً على صواب، لا سمح الله، وهذا ما ينسحب علينا جميعاً، وللحديث بقية!