خمس خطوات نحو ألف مبنى أخضر
باتر محمد وردم
01-07-2010 04:21 AM
قبل حوالي أسبوع أعلن وزير الأشغال العامة عن اتفاقية مع الجمعية الأردنية للطاقة المتجددة لبناء "أول" مبنى أخضر في الأردن ، والمقصود بذلك مبنى مصمم بطريقة توفر موارد المياه والطاقة وتستخدم الطاقة المتجددة وإعادة التدوير وغيرها من الوسائل التي تحافظ على الموارد وتجعل المبنى صديقا للبيئة وللاقتصاد ايضا.
هذا المبنى الموعود ليس بالضرورة أن يكون الأول ، فهنالك في الأردن عدة مبان مصممة بطريقة بيئية وخضراء وهي قد تصل إلى 10 - 15 ومنها مبنى السفارة الهولندية ، ومبنى خاص في العقبة ومبنى آخر لمهندس عسكري متقاعد في عمان ومبنى لسيدة إيطالية - عربية وغيرها. وهذا ما يدل على حالة ينبغي التخلص منها ، فنحن دائما نتحدث عن المبنى الأول والخطة الأولى والمؤتمر الأول والمشروع الأول من نوعه...الخ بينما يجب أن نبدأ بالتفكير والتخطيط للمبنى الألف والمؤتمر العاشر والمشروع العشرين وغيره من النشاطات التي تمنح الاستدامة والاستمرارية.
في السنتين الماضيتين شهد الأردن تطورا كبيرا في المعرفة الهندسية والعلمية المتعلقة بإنشاء المباني الخضراء حيث تم إنشاء المجلس الأردني للأبنية الخضراء والمعترف به من قبل المجلس الأميركي ، وكذلك مجموعة من المنظمات التي عملت بنشاط في تطوير معايير البناء الأخضر ، كما تم إدخال هذا النمط تدريجيا في المناهج الجامعية وكذلك في السياسات العامة. ولكن المطلوب الآن هو الانتقال من النظرية إلى التطبيق ، وهنا من الضروري أن تطور الحكومة بتعاون وزارات الأشغال والطاقة والبيئة والمياه برنامجا وطنيا لإنشاء أو تعديل ألف مبنى أخضر في العام 2015 وهي مهمة ليست مستحيلة بل ممكنة وتحتاج إلى خمس خطوات اساسية.
الخطوة الأولى هي تعديل كودات البناء في الأردن بحيث يتم دمج كافة مبادئ البناء الأخضر فيها ، وهذا قد يحتاج إلى تدريب وتوعية للمقاولين في كيفية الحصول على المواد والمنتجات التي تساهم في تحقيق أهداف البناء الأخضر وخاصة في تخفيض استهلاك الطاقة والمياه ، والآن توجد لجنة خاصة من وزارة الأشغال ونقابة المهندسين والجمعية العلمية الملكية تعمل على تطوير هذا الكود بناء على أفضل التجارب العالمية والإقليمية في بيئات مشابهة للبيئة الأردنية.
الخطوة الثانية هي تعديل نظام العطاءات الهندسية والمقاولات "فيديك" بحيث يتضمن التركيز والإصرار على استخدام الوسائل التي من شأنها تقليص استهلاك الطاقة والمياه وتكثيف إعادة التدوير ومنع التلوث البيئي من كافة أعمال التنفيذ الهندسي التي تقوم بها الحكومة وأن يتم إلزام المقاولين بهذا التوجه وهذا يتطلب أيضا عدم موافقة اية مؤسسة حكومية وعامة على إنشاء مبنى جديد بدون إخضاعه لشروط البناء الأخضر.
الخطوة الثالثة هي إجراء عملية تدقيق للطاقة في كافة المباني الحكومية القائمة ووضع تقارير باستهلاك الطاقة الحالي وكيفية تقليل هذا الاستهلاك من خلال إجراءات هندسية وإدارية وفنية يمكن في كثير من الحالات أن تقلل من الاستهلاك بنسب تصل إلى 40 - %50 وهذا يتم من خلال مراكز متخصصة مثل الجمعية العلمية الملكية ومجلس البناء الأخضر وغيرها من المؤسسات وأن تكون هنالك رقابة صارمة على تنفيذ إجراءات ترشيد الاستهلاك.
الخطوة الرابعة هي تضمين مبادئ ترشيد الطاقة والمياه في كافة برامج التدريب المهني التي تساعد في تجهيز الموارد البشرية الأردنية التي تعمل في قطاعات الإنشاءات وعلى الأقل من ناحية الإدراك والوعي بأهمية استخدام هذه المهارات والتي يمكن أن تكون ذات طبيعة تنافسية وإنتاجية في سوق الإنشاءات.
الخطوة الخامسة هي التركيز على الإعفاءات الضريبية للمنتجات التي تساهم في ترشيد الطاقة والمياه بحيث يكون سعرها في السوق منافسا بل وله قيمة إضافية على سعر المنتجات غير المؤدية إلى الترشيد وهذا ما يسمح باختيارها من قبل المالكين واصحاب العمل بدون كلفة مالية إضافية أو على الأقل بكلفة أضافية بسيطة يمكن تعويضها بسنة واحدة أو سنتين من التوفير أثناء الاستخدام.
من المبهج دائما الحديث عن التجارب الأولى ولكن من المهم أن تصبح هي النمط وليس الاستثناء خاصة أن الأردن بحاجة ماسة إلى كل خيار فني يمكن أن يساهم في توفير المياه والطاقة وكافة الموارد الطبيعية ، خاصة إذا علمنا أن دعم الأبنية الموفرة للطاقة والابنية الخضراء كان عنصرا اساسيا في برامج التحفيز الاقتصادي في بريطانيا وألمانيا وكوريا والبرازيل وماليزيا وفرنسا والمكسيك والتي تعتبر من أهم برامج التحفيز العالمية.
الدستور