أمام رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف، أدلى وزير الخارجية الاسرائيلي (رئيس حزب اسرائيل بيتنا العنصري كما ينبغي تذكير من يحاول النسيان أوالتناسي) افيغدور ليبرمان, بتصريح قال فيه بثقة: ان دولة فلسطينية لن تقام خلال العامين المقبلين.. (2012).
لا يقرأ ليبرمان من صفحات بيضاء, بل هو يستند في حكمه «الواثق» هذا الى الخريطة السياسية والحزبية الاسرائيلية, التي تمنح اليمين بل اليمين المتطرف الاغلبية وفق استطلاعات الرأي, ليس فقط بعد أن انهار اليسار الاسرائيلي وغدا ذكرى «مريرة» من الماضي, وانما ايضاً لأن الاحزاب اللاتينية وتلك التي تزدهر في «دولة» المستوطنات آخذة بالتعاظم والقوة, على نحو باتت تهدد الجيش «صاحب» الدولة، وليس الدولة «صاحبة» الجيش, بمعنى أن الاصوليين وانصار أرض اسرائيل الكاملة والذين يقدمون «الشريعة» على القانون, لن ينفذوا أوامر الانسحاب من بعض المستوطنات (وليس كلها بالطبع بعد أن تأكد الجميع من أن مفاوضي السلطة قد اقرّوا بـ «حق» اسرائيل في ضم الكتل الاستيطانية الكبرى مقابل تبادل للاراضي, وما تزال المساومات جارية حول ما اذا ستكون بنسبة 1 : 1 أم «غير ذلك», والاغلب أنه غير ذلك لأن تصريحات الجانب الفلسطيني تبدو رخوة ومرتبكة»..
تصريحات ليبرمان تستدعي وبالضرورة العودة الى ردود الفعل الفلسطينية وخصوصاً في تلك المواقف و»الاعلانات» التي يواصل رئيس حكومة تصريف الاعمال سلام فياض الادلاء بها بمناسبة وغير مناسبة, بخاصة تلك التي يكون فيها منخرطاً في اعداد اكبر طبق للمسخّن او الكنافة ( لا فرق) أو حملة لمقاطعة منتجات المستوطنات اليهودية, حيث يبدو منقطعاً بالفعل عن سياق ما يحدث ميدانياً ويراه بأم عينه, أو ربما هو لا يراه، لأن اسطول الحماية الذي يرافقه يحجب عنه الرؤية في سيارته المصفحة ذات الزجاج الاسود الغامق..
أين من هنا؟
فياض وبعض (وليس كل) اركان السلطة، يقولون: أن موعدهم مع الدولة الفلسطينية المستقلة قد تحدد في آب 2011, وإذ يسعى الرئيس الفلسطيني للتنصل من موعد كهذا والايحاء بأن الاعلان لن يكون فورياً ومن جانب واحد, بل هو يحتاج الى توافق مع الاسرائيليين ورضى من الرباعية ومجلس الأمن, فإن ما آلت اليه مفاوضات التقريب, قد غدا بمثابة اعلان «وفاة» للمشروع الذي اراد سلام فياض الوقوف خلفه, والذي «أهّله» للحصول على لقب «بن غوريون فلسطين» من صبيّ بن غوريون وتلميذه شمعون بيرس, في مفارقة غريبة ومتهافتة تستدعي حقاً العودة الى «الكيفية» المادية والتاريخية وخصوصاً الجيوسياسية, التي قامت من خلالها اسرائيل على أرض الشعب الفلسطيني, والتي كانت في الأساس اعتماداً على قوة عسكرية ذات وزن ودور (تطلق عليها اسرائيل في روايتها التاريخية حرب التحرير ضد سلطات الاحتلال البريطاني, في انكار مقصود لوجود الشعب الفلسطيني وإلغاء تاريخه, وهو في نظرهم ليس سوى «عصابات» كانت تستفيد من الصراع اليهودي البريطاني»..
بن غوريون فلسطين, اذاً مجرد يافطة لواقع مرير يفضح العجز والانقسام وغياب البرنامج, في تركيز واضح على بناء ما يوصف بالمؤسسات من أسفل، والتي لا تستطيع مهما وصلت اليه عدداً وكيفية, أن «تُنتج» دولة لأن جيش الاحتلال يتحكم بكل مفاصلها, وهو قادر على تدمير كل تلك المؤسسات والرموز، وليتذكّر من يريد استخلاص الدروس والعبر أن ارئيل شارون في اذار 2002 وخلال حملة «السور الواقي» الدموية, دمّر كل «رموز» تلك «الدولة» التي كان ياسر عرفات يسعى لاقامتها من مقار للشرطة ومؤسسات خدمية وبنى تحتية ومبان وخصوصاً مطار غزة.. ما ادّى في واقع الحال الى احتجاج معظم دول الاتحاد الاوروبي على خسارة أموالها بالطبع وليس على اجهاض «حمل» الدولة العتيدة او مئات الضحايا الذين سقطوا.
فهل يتعظ أصحاب الأوهام؟
من المفيد العودة لتصريحات ليبرمان.. بالمناسبة: هل سأل أحد من أهل السلطة عن.. القدس!!
Kharroub@jpf.com.jo
الرأي