ثلاثة تحديات استراتيجية تواجه الاردن وتطرح عليه اسئلة ذات طابع وجودي من شأن التغاضي عن الاجابة عنها او تأجيلها النقص الحاد بالمصادر المائية والارتفاع المذهل في فاتورة الطاقة المستوردة و الاصلاح الاقتصادي والسياسي ، وهذه التحديات الثلاثة تحدد الى درجة كبيرة مستقبل البلاد والوجهة التي سيسير فيها.
واذا كان الاصلاح السياسي والاقتصادي منوط بمدى القدرة على اجتراح اجابات عن الاسئلة الاقتصادية المصيرية (الطاقة والمياه) فان السؤالين الاخرين يستدعيان توظيف جميع امكانيات البلاد باتجاه انجاز يقي البلاد غائلة الضغوط بما لا يخدم مصالحه الوطنية.
ونعلم ايضا ان النقص الحاد في المصادر المائية لا يمكن حله حلا جذريا بدون اعتماد خيار تحلية مياه البحر الذي يحتاج بدوره الى مصادر هائلة للطاقة وهي هنا الطاقة النووية ، اذن فان طوق النجاة للبلاد يتمثل في الاسراع في تنفيذ البرنامج النووي السلمي بما يوفر مصادر بديلة للنفط الذي يلتهم جزءا اساسيا من الموازنة العامة ويضغط بالتالي على كل البرامج التنموية.
في المحصلة فان البرنامج النووي الاردني السلمي ليس خيارا ترفيا ولا هو حلم صيفي يمكن الاستمرار في العيش في اليوم التالي دون الالتفات اليه او اعتباره، ومن هنا يأتي الضغط الاسرائيلي غير المسبوق على الولايات المتحدة من اجل عرقلة هذا البرنامج وفرملته تحت حجج واهية لو ان اسرائيل صادقة في اطلاق مخاوفها لاغلقت منذ امد مفاعل ديمونة الذي يعتمد تكنولوجيا متخلفة وقديمة يمكن ان يتحول في اية لحظة الى قنبلة غير موقوته.
الضغط الاسرائيلي غايته سياسية والهدف منه ابتزاز الاردن في خيارات محددة ضمن سياق المسار التفاوضي الامر الذي دفع بجلالة الملك للطلب من اسرائيل الاهتمام لشؤونها والكف عن التدخل في الخيارات الاردنية.
اللين الاميركي الذي يبدو انه قاب قوسين او ادنى من الاذعان للضغوط الاسرائيلية ينطلق من مطلب اسرائيلي بان يشتري الاردن اليورانوم المخصب من السوق الدولية وان لا يسمح للاردن بان يقوم بالتخصيب على اراضيه بالرغم من ان الاردن يمتلك ثروة هائلة من اليورانوم الخام وبالتالي فان شراء اليورانيوم من الخارج تدلل على ان المجتمع الدولي يتبنى النظرية الاسرائيلية بان الاردن مكان غير امن للتخصيب وهو امر يشابه اعلان الحرب.
الاردن يحتاج الى انفاق حوالي 18 مليار دولار على الطاقة خلال العشرة اعوام المقبلة ليحافظ على المستوى الحالي وسد حاجته المتنامية واذا ما اضفنا الى المشهد عدم الركون الى شراء الغاز المصري الذي لا يعد مصدرا ثابتا للطاقة خصوصا بعد ما قيل عن سلسلة الاعطال التي اصابت وسائل ضخه عبر الانبوب الواصل الى الاراضي الاردنية ، هذا بالاضافة الى الظلال السياسية غير المأمونة التي ترافق توريد النفط للسوق المحلية.
البرنامج النووي الاردني يمثل طوق النجاة لحل مشكلات اساسية تواجه الاردن في الاعوام المقبلة و معايير الصداقة والعداء في القاموس السياسي الاردني تنبني في ضوء مواقف القوى الدولية والاقليمية حيال هذا الملف.
الرأي