لم أفهم التعديل الوزاري. لأن فلكلورنا التاريخي في التشكيل الحكومي لا يقيم وزناً لكفاءة الوزير ودوره. إنه منصب لمكافأة العشيرة والمنطقة والدين، وتدبيره مُحكمّ في محاصصات السلطة والنفوذ والمال، وقانونهُ الوحيد: الاحتكار.
المنصبُ الوزاريُّ مصادفةٌ غالباً في الأردن، وما عدا التسويق لظواهر عائلية وشبابية وليبرالية "خِلْفْ خلافْ"..فإنّ هذه الوزارة مخصصة لتلك المحافظة، وأخرى لتلك القبيلة، أو لذلك التوازن، ويُصادف أنّ فلاناً حصل على شهادة عليا، أو لمّعهُ الإعلام، أو هيأه الامن فيكونُ "معاليَ الوزير".. وتزهو به المناصب والأهل، ولا يفعل شيئاً في وزارته، لأنه لا يستطيعُ أكثر من استعراضات المنصب ووجاهته الاجتماعية.
الوزراءُ الذين نفتقدهم في التشكيل والتعديل ندرةٌ. الغالبية يأتون ويذهبون، ودائماً لسبب واحد: "التجانس بين الفريق الحكومي"، وتلك كذبةٌ خائبةٌ، يرددها الإعلام الرسمي ليبقى على خيبته، ويضحك عليها كل صباح. ودائماً، تدهشنا قدرة الدولة على صناعة المهزلة.
كان لدينا وزير ثقافة قبل سنوات، عتبَ على مدير مكتبه، لأنه لم يخبره بوجود معرض استعادي لأعمال بابلو بيكاسو في عمان. كانَ يُرِيدُ أنْ يُولِمَ منسفاً لبيكاسو الذي توفي في العام 1973. ولدينا وزير شباب نجح في إثبات فرضية "العقل السليم في الجسم السليم"، ونمتلك أرشيفاً طريفاً في نوادر الوزراء.
هذه ربما محاولةٌ لتعديل المزاج الشعبيّ، لكنّ الوصفةَ قديمةٌ جداً. فمزاجُ الأردنيين مضروبٌ تماماً هذه الأيام حتى أقصى الغضب.