أنا أردني شديد التمسك بأردنيتي, معتز بها حتى النخاع, لأسباب كثيرة أولها أن حب الوطن من الإيمان, لذلك اعتبر الإسلام أن من يموت دون وطنه شهيداً, كما أن التعلق بالوطن نزعة إنسانية عند كل إنسان سوي, لذلك ظل رسول الله عليه الصلاة والسلام شديد الحنين إلى مكة مسقط رأسه ومدرج صباه.
بالإضافة إلى السبب الديني, فإن من أسباب اعتزازي بأردنيتي, أنها تشعرني بعمق تاريخي ضارب في الزمان والمكان شارك في صناعته المؤابيون والعمونيون والأدميون والأنباط وغيرهم من اجداد الأردنيين الأقحاح, وهو تاريخ يؤكد أننا ابناء وطن عظيم شارك بجدارة في كل دورات التدافع الحضاري ،وان الاردنيين ليسواعابرين في زمن عابر, وأنهم ليسوا حالة طارئة،بل هم شعب عريق جذوره ضاربة في اعماق ارضه،له هوية ثابتة ثبات جبل عجلون،مميزة كتميز عاصمة اجدادهم البتراء،واضحة كوضوح مرتفعات البلقاء ممتدة كامتداد سهول اربد.
غير السبب الديني والتاريخي لتمسكي بأردنيتي, هناك أسباب جوهرية أخرى أهمها أنني مؤمن إيماناً عقلياً, تقوم عليه الأدلة والبراهين المادية,بأن الأردنيين شعب عظيم ،مؤشرات عظمته أكثر من أن تعد وتحصى, أولها أنه رغم ضيق ذات اليد وقلة الإمكانيات المادية إلى درجة الشح فقد تمكن الأردنيون من بناء دولة عصرية هاهي تدخل مئويتها الثانية بثبات, أهم ما يميزها أنها واحة أمن وأمان في إقليم ملتهب مضطرب, صار أبناؤه يفرون إلى الأردن لينعموا مع أهله بالأمن والأمان اللذين يحميهما جيش وأجهزة أمنية محترفة مؤمنة منتمية،وكلها تجسد عشق الاردنيين للجندية.
غير الأمن والأمان الذي يميز الدولة التي بناها الشعب الأردني العظيم بقيادة آل هاشم,فقد صنع هذا الشعب نهضة تعليمية شعت على المنطقة كلها, وساهم أبناء الشعب الأردني العظيم بعلمهم بإزالة أمية الكثير من شعوب المنطقة, ويكفي القول أنه مامن قرية أردنية أو مضارب عشيرة من عشائرنا إلا وهناك مدرسة, ناهيك عن الجامعات المنتشرة في ربوع الوطن,والتي تغص بالأردنيين وغير الأردنيين, وقد صار لدينا أعلى نسبة من حملة الشهادات الجامعية العليا قياساً إلى عدد السكان،وهذاالإنجاز في مجال التعليم مؤشر واحد من مؤشرات عظمة الشعب الأردني, حيث كانت الأسرة تبيع كل ما تملك لتعيش على الكفاف مقابل تعليم أبنائها الذين شكلوا بترولها الحقيقي بعلمهم وكفايتهم.
غير النهضة التي صنعها الأردنيون بمختلف المجالات, فإن من أهم مؤشرات عظمة الشعب الأردني قدرته على هضم كل الهجرات البشرية التي تعرض لها على امتداد أكثر من قرن من الزمان, فبسبب طبيعته الإنسانية ونزعته القومية, ولأنه بنى دولة صارت واحة أمن وأمان تمكن الشعب الأردني من استيعاب هجرات من مناطق كثيرة ومن دول الإقليم, خاصة منطقة الهلال الخصيب, فصارت هذه الهجرات جزء من نسيجه الاجتماعي وصار تنوعها جزء من مصادر قوة وثراء هذا الشعب العظيم بهويته الراسخة،وشعبه العريق،فدلوني على سبب واحد لايجعلني اعتز باردنيتي.