اخواني وأحبائي من العلماء والمشايخ والوعاظ والمرشدين والمفتين والقضاة والأئمة وأساتذة العلوم الشرعية وفي شتى مواقعكم وأعمالكم وأيا" كانت مشاربكم واختياراتكم . بعد التحية الإسلامية لكم أذكركم بأنكم شهداء الله في أرضه ، تشهدون على الناس بالبلاغ ونشر العلم وبيان الأحكام " لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا".

لا بد أنكم تشاهدون ما يجري في ديار الإسلام والعالم ، فالمسلمون مدنسة مقدساتهم ، منهوبة أموالهم ، يعتدي عليهم شذاذ الآفاق ، كلما تخلصوا من مستعمر جاءهم آخر ، صاروا مستضعفين بتفرقهم وتنازعهم رغم أن الله تعالى طلب منهم الاعتصام والأخوة ووحدة الصف ، وزاد الطين بلة وجود من لا يفقه مقاصد الشريعة الغراء ، معرضا" عن الكليات مهرولا" نحو الخلافات ، زارعا" الفتنة بسذاجة على أقل تقدير بين أبناء الصحوة وذلك بإعادة إنتاج الخلافات التاريخية التي مضى عليها ألف عام !! متناسين ظروف نشأة الخلافات القديمة وما آل إليه حال الأمة نتيجة التعصب المقيت.

ينسى المفرقون الجدد أن علماءنا كان يحترم بعضهم بعضا" ، ويثني الواحد منهم على الآخر ، قالوا " لا يفتى ومالك في المدينة " وقال الشافعي " خرجت من بغداد ولم أترك فيها أعلم من أحمد بن حنبل " . وتتلمذ أحمد على الشافعي ، وتتلمذ الشافعي على مالك ، وتتلمذ مالك وأبو حنيفة على ربيعة الرأي .

وفي مجال علم الكلام انتصر أبو الحسن الأشعري للنص الذي تجاوز عليه المعتزلة بادعاء العقلية . وبرز أبو منصور الماتريدي في مزج مميز بين العقل والنقل، وظهر هذا في مسألة التحسين والتقبيح . وظهر ابن تيمية ليرد على المنطقيين وينتصر لدين الله بالقلم والدعوة والسيف في مجاهدة التتار الغزاة محاربا" الخرافة ناشرا" للعلم .

برز علماؤنا واجتهدوا وبرأوا ذمتهم قدر استطاعتهم فأصابوا في كثير مما قالوه ، ولم يقل أي واحد منهم أنه معصوم فعقيدة أهل السنة أن العصمة للأنبياء فحسب . لماذا يريد بعضنا إعادة إنتاج الخلافات ؟! . نعم اختلف علماؤنا لكنهم حافظوا على اخوتهم وعلاقاتهم ، وكانوا يلتمسون العذر لبعضهم ولا يطعن بعضهم ببعض ، لأن الخلاف سنة الله في خلقه،

" ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة " " لا إكراه في الدين "

" لكم دينكم ولي دين" هذا فيما بين المسلمين وغيرهم من بني آدم ، فهل التعددية الفقهية أو الكلامية ممنوعة علينا ؟ هل هناك مسلم ينسب النقص إلى الله تعالى ؟ هل هناك مسلم يقول ان الله جسد مثلنا ؟ هل هناك مسلم يقول ان لله ولدا" ؟

هل هناك مسلم ينكر أركان الإيمان وأركان الإسلام؟ هل هناك مسلم يطعن في الكليات المتعلقة بالالهيات أو النبوات أو السمعيات ؟ .
تذكروا وصية الله لنا ( واعتصموا ) ( ولا تنازعوا)

( إنما المؤمنون إخوة ) . تذكروا أننا نُحَارب من جهات عدة ، فهل يليق بنا أن نحارب أنفسنا؟

كلنا أهل السنة وكلنا ندعو للتجمع على أساسيات الاسلام ومقاصده الكلية ، تذكروا أن البشرية تنتظركم لهدايتها ، فلنكن أبناء عصرنا ، ولنفهم ديننا حق الفهم بعيدا" عمن يزرع الفرقة بسذاجة أو غباء ، لنلجم هؤلاء وندعوهم للعودة إلى رشدهم والى الصراط المستقيم الذي نطلبه في صلاة الفرض سبع عشرة مرة " اهدنا الصراط المستقيم" .

اللهم هل بلغت ؟ اللهم فاشهد