الدماغ ليس العقل بل أداة ووسيلة لعمل الوعي فالوعي هو الاساس وليس الدماغ ولا الفكر ولا العقل كما وظيفة العقل اكتساب المعارف والمعلومات كما تكمن وظيفة الوعي تحويل تلك المعارف والمعلومات الى خبرات و تجارب والقدرة على الاحتواء ولا يكتسب الوعي الا من خلال التطبيق العملي الحياتي لكل معرفة و معلومة وكذلك الدولة.
اخبرنا علماء الجيولوجية والجيوفيزيا ان جوف الارض مكون من نيران وحمم بركانية لكن العلوم الباطنية الايزوتيريك تقول ان النيران والحمم تكمن في بعض مناطق الاعماق الارضية انما قلب الارض بالتحديد يحتوي على ذلك العنصر الأولي الشفاف الذي تكونت منه الارض منذ أن انبثقت الى الوجود على شكل دخان كثيف ومتماسك وهكذا يحصل في جسم الكائن البشري إذ يبدأ كيانه يقسو أي ينمو ومع الزمن تحيط العظام بالمادة الاصلية للجسم البشري لتحميه وتحفظها سليمة قدر المستطاع وكذلك عمل الدولة بالحفاظ على شعبها و تماسكه رغم احلك الظروف.
رغم اهمية الجانب المادي في حياتنا وخاصة في الوقت الحاضر إلا أنها لا تتصدر الاولويات عند العديد من البشر، فالمستقبل هو للانسان، و بما ان الانسان هو الذي يتحكم بمصيره من خلال العديد من الادوات التي يمتلكها ياتي الجانب المادي حسب ما يدرجه في أولوياته وتبقى النفس التي يمتلكها هى الاساس، إذ يوجد في كل إنسان نفسه وكلما ابتعد عنها ابتعد عن العالم الحقيقي وانغمس في ماديات الحياة والتصق بضجيجها ظنا منه انها الحياة.
الخبرات التي يكتسبها الانسان في حياته تزوده ليس فقط بالمعرفة بل بالمفاهيم، هناك قول متداول « كل الدروب تؤدي الى الطاحون» قيل هذا من باب حرية الاختيار، حيث نعتبر جميعا الاختيار احد المبادئ أو الاولويات الجوهرية في درب الحياة الاصيلة.
قد لا تكون جميع الطرق تؤدي الى الهدف، ولكنها بالتأكيد تستحق التجربة فكل شخص له ادواته الخاصة به للاختيار أو على الاقل تحديد إختياراته ولا سيما ان كانت المتابعة القريبة المتتالية حقيقية ودائمة وهكذا الحال في نجاح مهام العمل، ولا شك ان نجاح العمل مرتبط بتطبيق الاستراتيجية او العمل من خلال الترابط والتشبيك الصحيح لتحقيق الرؤى والتطلعات ولن تكون المخرجات التي نصبوا اليها اذا افتقرنا للاختيار الصحيح.
خبرتنا العملية تمتلك العديد من الانجازات ولكنها كانت وستبقى مصدرا غنيا لتباين الاراء والجدل المستمر والتساؤلات وللمفارقة ان التحديات والصعوبات لم تقلل يوما من حدة او درجة الجدل وخاصة الجانب السياسي منها او جانب الادارة السياسية أي المطبخ في الدولة وكلما قلت الاجوبة او تشابهت ازداد الجدل خاصة في مرحلة عدم وجود واقع للجواب او التفسير.
التفاعل و التشبيك بين أجزاء الدولة هام جدا وغياب التجانس ليس هاما فقط بين الافراد بل ايضا بين الفرد وعمله او مهامه مما يؤثر على المخرجات سواء استراتيجيا كالخطط او التقني كتطبيق تلك الخطط على ارض الواقع، غياب التجانس وان بدرجة بسيطة ولكنها تراكمية يُعزز تقليل المشاركة الصحيحة واستمرار توسع الفجوات الاقتصادية والاجتماعية مما يدعم تخفيف درجة التماسك الاجتماعي الذي قد يؤثر على درجة التفاعل السياسي السليم مما يزيد من حجم تفشي مخاطر النمو الاقتصادي والسياسي .
لا شك اننا لن نتخلص سريعا من الأعباء المالية وسنبقى لفترة في اقتصاد حرج الا اننا ندرك مسارنا فالظروف التي احاطت بالاردن على مر السنوات رغم قسوتها في بعض المراحل عبرت عن ذاتها من خلال وحدة بناءنا و تماسكنا وايجابية التفاعل.
حمى الله الاردن
(الدستور)