ما من أحد ينكر على الحكومة حقها في إجراء أي تعديل، فهذه سُنة اعتاد عليها المواطن من الحكومات برغم عدم التفاتها لماهية التعديل أو مدى الحاجة الوطنية منه سوى أن يحل فلان بدل علان، في مشهد لا يسمن ولا يغني من جوع يخضع في المقام الأول لعامل الجغرافيا والمصالح المتبادلة، دون تقديم أسباب موجبة لإجراء التعديل في ظل أوضاع اقتصادية صعبة، والإعلان عن مشاريع ربط كهربائي وبدء عام دراسي في ظل جائحة لا زالت تخيم فوق فضاء البلاد.
والأنكى أن الحكومة ألبست التعديل عُنوة ثوب الاقتصاد برغم بقاء وزيري المالية والتخطيط على رأس الوزارتين، واستحداث وزارة الاستثمار التي ألغيت في وقت سابق مع فارق المسمى ما ينبئ الاهتمام بالشكل بعيدا عن المضمون، والمراقب استمع إلى عدد من الوزراء الذين عُدلوا في مؤتمرات صحفية عن خطط طموحة قادمة سيتم العمل على تنفيذها ضمن برامج زمنية ليأتي التعديل المنتظر وينفس كل تعهداتهم أمام الرأي العام، فلا الوزراء عرفوا كيف جاؤوا ولماذا غادروا.
في ظل المعادلة التقليدية لتشكيل الحكومات أرى أن هذا التعديل يرتقي إلى مستوى التعطيل، ولا يخدم إلا الحكومة نفسها بعد أن اعتاد المواطن من حكومات المحاصصة أن تلجأ إلى إجراء تعديلاتها من باب إطالة عمر الحكومة وتقاسم الكعكة من باب تحسين الأوضاع، دون تقديم مبررات للرأي العام عن أسباب من تمت إقالتهم من الوزراء، وإذا ما كانوا يشكلون حجر عثرة أو مقصرون في أداء واجباتهم المنوطة بهم، إذ كان من باب أولى محاسبتهم إن كان ما يؤشر ولو من بعيد بهذا التقصير.
مطلوب من الحكومات أن تحترم أكثر وعي وذكاء المواطن، الذي لم يعد معنيا بمن جيء به ومن غادر، في ظل بطالة مرتفعة وفقر يتصاعد ومديونية عالية، وأتمنى على الحكومة أن تستعرض أمام الرأي العام أسباب التعديل الموجبة ولماذا تدحرجت بعض الرؤوس من مواقعها والإطاحة على سبيل المثال لا الحصر بوزيري التربية والتعليم العالي أو الطاقة لتقدم أنموذجا يحترمه المواطن ويعي أبعاده الوطنية حتى نبارك لهذه الحكومة ومن سيليها من حكومات بتعديلاتها القادمة.