تعود بي الذكرى لسنة 2000 يوم جلست على مقاعد المحامين بمحكمة العدل العليا بانتظار دور قضية لي سبقتها قضية منظورة أمام المحكمة المستدعى بها شاب وسيم يعمل موظفا بوزارة الخارجية بدرجة ملحق و سكرتير ثالث يطعن بقرار إداري للوزير انذاك بسبب إساءة استعمال السلطة كان قرار المحكمة بالقضية انذاك رد الدعوى لعيب شكلي في وكالة محاميه وبعد أن خسر الشاب دعواه لجأ ومحاميه انذاك الى نقابة المحامين متظلماً ، حيث قام نقيب المحامين انذاك الأستاذ صالح العرموطي بالكتابة بالموضوع لرئيس الوزراء علي أبو الراغب الذي حفظ الموضوع لعدم وجود إمكانية للتدخل بأعمال القضاء، ذاك الشاب الذي أتذكره هو رئيس الوزراء الحالي السيد بشر الخصاونة والذي يبدو لي أنه محظوظ بمبدأ إساءة استعمال السلطة الذي ينطبق عليه كرئيس حكومة خلال سنة من توليه رئاسة الحكومة التي عدلها اربع مرات والحبل على الجرار .
وعودةً للموضوع أقول أن عشرات الأشخاص على مدى الأيام الماضية شكلوا حكومات في بلادنا منذ تأسيس الدولة وأمتاز بعضهم بتكرار هذه المهمة مرات عديدة ، وباعتقادي كان أكثر من كرر هذه المهمة هو المرحوم توفيق أبو الهدى إذ شكل الحكومة سبع مرات في عهد الإمارة وخمس مرات في عهد الإستقلال وكان من أنجح من تسلموا هذه المهمة.
أما الحكومات التي شكلها أشخاص ولمدة غير طويلة قدموا على أثرها إستقالتهم حيث أرغموا على تقديم هذه الإستقالة فكانا الركابي وعبد الحميد سراج في عهد الإمارة و فوزي الملقي وهزاع المجالي وطاهر المصري في عهد الملك حسين ، أما في عهد الملك عبدالله الثاني وعلى مدى عشرين عاماً فكانوا ثلاثة عشر رئيسا أحدهم خلال سنة واحدة أجرى أربعة تعديلات على حكومته ولاى يزال المجال أمامه مفتوحاً لتعديلات أخرى وهو بشر الخصاونة ، أما الآخر فهو الذي قدم إستقالته وهو خارج البلاد بسبب ولاية الحكومة قد أنتقصت حسب ما ورد بالاستقالة وهو دولة عون الخصاونة الذي يتمتع بمحبة الأردنيين من مختلف مكوناتهم .
إنني أعرف كيف يسمح لأحد الرؤساء أن يجعل من الشعب الأردني من خلال توليه لهذا المنصب حقل تجارب في ظروف قاسية من جميع الوجوه الصحية والإقتصادية والسياسية دون أن تكون عنده الجرأة لإعلان فشله لتحمل هذه المسؤولية بهذه الظروف العصيبة ، ففي خلال سنة واحدة تغير بعهده وزير الداخلية ثلاث مرات والصحة ثلاث مرات والعمل ثلاث مرات والزراعة مرتين والإعلام ثلاث مرات والتعليم العالي مرتين ، أي أن حكومة بشر الخصاونة في عامها الأول حتى اليوم ضمت 47 وزيراً في دولة مثقلة بالديون والقروض التي تجاوزت 35 مليار والتي بلغت نسبة العاطلين عن العمل بها ما يقارب خمس عدد السكان ، حكومة ضمت 47 وزيراً لم تستطع أن تتقدم بمشروع قانون إصلاح للمنظومة السياسية وإنما أسندت هذه المهمة التي هي من صميم مسؤولياتها للجنة تزيد على 90 شخصاً قسما منهم من المرشحين اللذين لم يحالفهم الحظ في الإنتخابات النيابة الأخيرة وقسما منهم قدموا استقالاتهم لأسباب معلنة أوغير معلنة مع أن عددهم لا يجب أن يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة أو عدد أعضاء الحكومة التي من صميم صلاحياتها التقدم بهذا المشروع الإصلاحي .
حكومة ضمت 47 وزيراً لم تواجه أي عاصفة سياسية هبت على هذا الوطن ولم تكلف نفسها بالدفاع عن الوطن وهي صاحبة الولاية الدستورية للدفاع عن الوطن وقيادته وشعبه .
حكومة الرئيس بشر الخصاونة كانت خبرة رئيسها بممارسة منصب وزير دولة للشؤون الخارجية سنة وسنة أخرى وزير دولة للشؤون القانونية وبعد مستشار الملك للسياسات يبدو أن هذه الخبرة مع خبرته الوظيفية بوزارة الخارجية لم تمكنه من حسن انتقاء أفراد طاقمه الوزاري خاصة الإقتصادي ليلجأ الى التعديل في كل شهرين أو ثلاثة أشهر.
وخلاصة القول ألم يخالف الرئيس بشر الخصاونة القانون بسبب إساءة استعمال السلطة التي منحت له بتشكيل الحكومة وتحمل مسؤولية سوء اختياره لبعض أشخاص حكومته أو تحميلهم مسؤولية الإشتراك معه بالحكومة لإن الخلل غير معروف بأي اتجاه منه أو منهم !
من هنا على المواطن الأردني أن ينتظر الفرج بعد عشر سنوات عن طريق لجنة الإصلاح للمنظومة السياسية أو بمثلها عن طريق التعديلات على حكومة بشر الخصاونة كل سنة أربع مرات، وهنا أستذكر قول الشاعر :
لا يغرنك هتاف القوم بالوطن فالقوم بالسر غير القوم بالعلن .
وأن غداً لناظره قريب