الانحطاط الإداري في المؤسسات
د. عبدالله حسين العزام
12-10-2021 12:57 AM
الانحطاط الإداري شكل من أشكال الفساد، شائع في بعض المؤسسات والإدارات ينشأ عن اتباع سلوك مخالف للأنظمة والقوانين والتعليمات من خلال استغلال الفرد لموقعه وصلاحياته الوظيفية عن طريق الأعمال البيروقراطية المنحرفة الناشئة من سوء التخطيط والتخبط العشوائي وتغليب المصالح الفردية على المصالح العامة، من خلال معارضة استراتيجيات الحكومة و سياسات و مبادرات النظام السياسي في إيجاد بيئة خصبة في المؤسسات للإصلاح الإداري ومكافحة الفساد والسير على طريق التقدم والريادة والتنمية.
من أشكال الانحطاط الإداري البارزة في العصر الراهن في المؤسسات الانحطاط الفكري والانحطاط الأخلاقي والانحطاط القيمي، وأنصار الانحطاط في المؤسسات والإدارات، هم الأفراد الذين يحملون فكراً إدارياً منحطاً، يجمعهم عامل مشترك هو الانحطاط الإداري بجميع أشكاله وصوره، حيث يترقى الفرد في الإدارة كلما زادت درجة انحطاطه، وهكذا يكون مؤهلاً للوصول لأعلى المستويات في المؤسسات التي ينتشر فيها الانحطاط الإداري، كما أن هؤلاء المنحطين يقفون صفاً واحدا أمام المتميزين وحجر عثرة في وجه الناجحين المخلصين في أداء عملهم، فهم يمسون ويصبحون يحيكون لهم المكائد ويضعون لهم المصائد ويدبرون لهم المصائب، لا لذنب عظيم اقترفوه ولا لفعل مشين ارتكبوه، بل سوى أنهم أفراد شرفاء مخلصون أمناء يعملون في سبيل الاستقرار المؤسساتي ورفع درجته من خلال تطبيق الأنظمة والقوانين و اللوائح السلوكية، لذا تجد هؤلاء المنحطين فرسانا وشجعانا في محاربة المخلصين لعملهم وأوطانهم بكل ما أوتوا من قوة، للتضييق عليهم، حتى يصفوا لهم الجو ولا يجدوا من يقف أمام وجوههم ليروجوا مفاهيمهم المسمومة ويحققوا الاستفادة المالية والمصالح الشخصية من خلال مناصبهم ومواقعهم الوظيفية.
أصحاب الفكر الإداري المنحط، يعملون على إضعاف القيم والروح المعنوية للمجتمع، يكرسون الفساد و يرون الشخص الكاذب في مفهومهم دبلوماسياً والمتملق المنافق هو من يعرف من أين تؤكل الكتف، أما الحريص على المصلحة العامة فهو إمعة والمخلص في عمله معقد، والشخص الصادق الأمين رجعي وعاجز عن مواكبة التيار... إلخ.
أخيراً إن من أسباب تفشي الانحطاط الإداري في المؤسسات والإدارات هو غياب الدور الرقابي عليها من الجهات ذات العلاقة المباشرة بهذا الخصوص، ما جعلها تسرح وتمرح في أداء أعمالها وتنفيذ خدماتها لفئة محدودة متكسبة بلا رقيب أو حسيب، على حساب المجتمع ككل، علاوة على عدم تعزيز مبدأ المحاسبة والمساءلة، و عدم تطبيق مؤشرات لقياس الأداء بين فترة وأخرى، و بطبيعة الحال الأزمات العميقة و الأوقات العصبية تتطلب اتخاذ قرارات جذرية، و قيادات قوية لا تقف موقف المتفرجين المتخلين عن مسؤولياته و واجباتهم، بل تحتاج إلى قيادات قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة، تواجه التحديات و المشكلات و تشخص المرض وتعالجه بالكي بالنار حتى التماثل للشفاء!!..