facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أخلاقيات القيادة التربوية


الدكتور راتب سلامة السعود
11-10-2021 02:00 PM

إن الناظر إلى حال كثير من المنظمات المتميزة، سواء أكانت تربوية أم غير تربوية، وفي مختلف أقطار العالم، يجد أن أحد الأسباب الرئيسة وراء تقدمها هو قيادتها الفاعلة. وقد أدركت المنظمات التربوية هذه الحقيقة التي لم تعد بحاجة إلى برهان؛ ألا وهي دور القيادة التربوية في زيادة كفاءة المنظمة التربوية، وتحسين فاعلية أدائها، وتجويد عملياتها. وقد اتجهت كثير من الدول إلى تطوير التعليم وتحديثه عن طريق التفكير في إيجاد قيادات تربوية فاعلة ومدربة تدريباً يتناسب ومتطلبات العصر. وقد عمدت الأنظمة التربوية المتقدمة إلى التأكيد على ضرورة توافر مواصفات ومقدرات أساسية لدى القائد التربوي، لكي يستطيع أن يمارس دوره القيادي في التأثير في الآخرين، وتوحيد جهودهم وحشد طاقاتهم واستثمارها من أجل تحقيق الأهداف التربوية.

إن تأثير القائد في العاملين معه لا يتأتى إلا من خلال السلوك القيادي المشبع بالجوانب الفنية، وهذا بدوره لا يتأتى إلا من خلال مجموعة من المقومات، ذات العلاقة بشخصية القائد، والتي تندرج في مجالين رئيسين اثنين، وهما: مقومات ذات علاقة بكفايات القائد، ومهاراته الفنية العملية التطبيقية، مبنية على حُسن إعداده وتدريبه وتنميته، مما يُتيح له أداء عمله بحرفية عالية. ومقومات ذات علاقة بسلوكيات هذا القائد وأخلاقياته، والتي من أهمها: أن يتمثل القائد السلوك القويم، وأن يكون قدوة حسنة لمرؤوسيه، فضلا عن ضرورة تحليه بالصدق، والعدل، والصراحة، والجرأة، والشجاعة، والصبر، والثبات على المواقف، والابتعاد عن المزاجية.

تلكم هي الاخلاق المطلوب تمثلها من عموم بني البشر، وفي مقدمتهم القادة التربويون. والأخلاق هي مجموعة المبادئ والمعايير والقيم التي تحكم سلوك الفرد أو المجموعة فيما يخص الصواب أو الخطأ، وكذلك الجيد أو السيئ في المواقف المختلفة. ومن مصطلح الأخلاق انبثق مفهوم السلوك الأخلاقي الذي يمثل جوانب تتعلق بصحة اختيارات الفرد، وسلامة قراراته، وتبعده عن الخطأ والسوء.

وتتجسد الجوانب الأخلاقية بشكل واضح عند رؤيتها من خلال التأثر بالقوانين، والخيار الحر للفرد. أما الأخلاقيات الإدارية، فإنها تُشير إلى معايير السلوك التي تقود المديرين، وتوجههم في عملهم. ولا يقف الأمر عند المديرين، بل يتجاوز ذلك إلى العاملين في المنظمة، والمنظمة ذاتها.

وعليه، فإن أخلاقيات القيادة التربوية لا مندوح عنها إن ابتغينا الحصول على أعلى درجات الفاعلية والإنتاجية على صعيد المنظمة من جهة، وعلى أعلى مستويات الرضا النفسي، والروح المعنوية على صعيد القائد ذاته، والعاملين معه، من جهة أخرى.

ومن هذا المنطلق، وتحت وقع هذه التحديات، وفي ظل هذه الطموحات، يأتي هذا الكتاب، (أخلاقيات القيادة التربوية)، ليمثل لبنة أخرى في بناء القيادة التربوية الباسق، والذي من شأنه ان يطور لدى الدارسين والباحثين والمشتغلين والمهتمين بالقيادة التربوية، قاعدة فكرية ومفاهيمية تعينهم على الممارسات القيادية الأخلاقية.

لقد تقاسمت هذا الكتاب أثنا عشر فصلاً، وهي: مفهوم القيادة التربوية، ومفهوم الأخلاق، نظريات النمو الأخلاقي، والسلوكيات الأخلاقية في المؤسسات التربوية، والسلوكيات غير الأخلاقية في المؤسسات التربوية، و الجوانب الأخلاقية والجوانب غير الأخلاقية في نظريات القيادة التربوية (النظريات التقليدية، النظريات السلوكية، النظريات الموقفية/ الظرفية، النظريات الحديثة)، والأخلاقيات المهنية في مؤسسات التعليم العام (المدرسي)، والأخلاقيات المهنية في مؤسسات التعليم العالي (الجامعي)، وأخلاقيات الطالب الجامعي، وصُنع القرار التربوي الأخلاقي واتخاذه، والمدونات الأخلاقية (مواثيق أخلاقيات العمل)، وبناء المنظومة الأخلاقية في المؤسسات التربوية.

لقد أُتيحت لي فرصة تدريس مساق (أخلاقيات القيادة التربوية) لطلبة برنامج الدكتوراة في الجامعة الأردنية منذ سبعة أعوام ونيف. وكنت أتنقل بين عشرات الكتب المنهجية التي تتناول بعضاً من محتويات هذا المساق، كما اطلعت على مئات الدراسات والبحوث التي تصدت لهذا الموضوع المهم. إلا أنني لم أعثر على كتاب يتناول موضوع أخلاقيات القيادة التربوية، ويوضح السلوكيات الأخلاقية التي يتعين على القائد التربوي بشكل خاص، والعاملين في المنظمات التربوية بشكل عام أن يسلكوها، وتلك السلوكيات غير الأخلاقية التي يجب عليهم ألاّ يقتربوا منها، وكيفية بناء منظومة أخلاقية في المنظمات التربوية، فكان هذا الكتاب.

وعليه، فإنه ليسعدني أن أُقدم هذا الكتاب لدارسي العلوم التربوية بشكل عام، ودارسي القيادة التربوية، وباحثيها، والمهتمين والمشتغلين فيها، بشكل خاص، يحدوني الأمل، أن يشكل هذا الكتاب إضافة نوعية جديدة لبناء العلوم التربوية، وتحديداً القيادة التربوية الذي بدأ تشييده منذ عقود، متسلحاً بما تيسر له من إعداد أكاديمي في مجالي الإدارة العامة، والسياسات والتخطيط والقيادة التربوية، ومستفيداً من تجربتي الشخصية العملية في ميدان الإدارة والقيادة التربوية، والتي امتدت إلى ما يزيد على أربعٍ وأربعين عاماً. والله سبحانه وتعالى أسأل، أن يتولانا برحمته ورعايته وتوفيقه.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :