ربما كلمة "أنا من طرف فلان" كلمة ألقيت على مسامعك مرات عدة من كائنات متواجدة في أنحاء شتى على هذه الأرض الطيبة يمتازون بمشيتهم الفوقية، وبالتباهي بأنفسهم، ويضحكون بتعالي، يقومون بتقييم غيرهم وهم يفتقرون الخبرة ويتسللون بوظائفهم بسرعة البرق دون وجه حق، كما انهم يتمادون ويتطاولون على غيرهم دون حساب.

خطر ببالي كتابة هذا المقال استوحاءً من الواقع المرير الذي نشاهده يومياً؛ عزيزي القارئ أن كلمة "أنا وراي فلان وأنا بظهري علنتان" كلمة تعادل خمسين عام خبرة وعشرات الشهادات العلمية الرفعية، عدا أنهم يحضون بامتيازات خارقة أولها التستر عليهم، فيجار على بعضهم لان فلان لا يعرفهم، ويرفع بعضهم لأن " موصى عليه من طرف فلان " باللغة المحكية، وبعضهم يفتعلون الأكاذيب ليعطوا أنفسهم هذه الهالة من السلطة التي تفتقر للإنجاز والمهنية.

"ابصر مين وراه " كلمة تأثيرها قوي جداً على أذني سامعينها، فتجد رغم ضعف أدائه وقلة خبرته ومحدودية معرفته ونفسنته على من حوله وأخلاقه "التعبانة"؛ إلا أنه يشهد له بصيته الحسن، وأداؤه الفوق رائع، ومعجزة قدراته التي من الاستحالة تكرارها.

أننا نشاهد هذه التصرفات في الوقت التي يتجه فكر الدولة الأردنية لمحاربة هذه المظاهر والتي تتخطى حدود مسمى "الواسطة والمحسوبية"، وأعلم يقينا أنها لا تقبلها أبداً، والذي صرت متأكدة منه أنها تصرفات فردية لا تمثل سوى أصحابها، وللاسف نشاهد هذه المظاهر التي تعدت إلى عدم الانصاف بالحكم على الاشخاص فلا يوجد للمهنية والكفاءة مكان سوى أن يكن بظهرك فلان يكن تقييمك والأفضل.

وللاسف الكثير يتعاطى مع مواقف هذه العينات ويدعم تعاليهم رغم انه فقاعة لا أكثر، خوفاً منه، أو تجنباً للمشاكل، ان الأجواء الحماسية وأجواء النفخ لهؤلاء تعطيهم السلطة بأن يتصرفوا مع الآخرين كما يريدون دون خوف من حساب أو مرجعية، لذلك الأولى لك ان لا تتستر عليهم أبداً، وان تكشف ألاعيبهم و"زعرنتهم".

لذلك إيمانك بنفسك وحقوقك وثقتك بقدراتك لا تجاري وتخنع ولا تخضع لأوامر عجاف، وظالمة بحقك، وعبر عن نفسك، لانك لم تجتهد طيلة هذه السنوات، و تسعى وتتعب ليقيمك شخص أنت تعلم يقينا أنه أقل كفاءة منك، فيسقط الأحكام عليك بناء على شعوره الشخصي اتجاهك أو انك لم تتماشَ وتتعاطى مع فوقيته والتي اساسها" أبصر مين داعمه، ومين وراه" فليدعمه من يدعمه وليقف بظهره من يقف لا يعنيني كثيرا "وهذا الميدان ياحميدان"، فالحمدلله نحن نعيش بدولة قانون ومؤسسات الذي سيادته فوق الجميع.

يجب أن تبصر وأن تعقل تماما أن هذه الأرض للجميع وأن هذا الوطن للجميع ليس حكراً لأحد ولك الحق أن تعيش مثلك مثل غيرك دون إعطاء الحق لإحدهم بازدرائك أو التعالي عليك، او الانتقاص من شخصك.

وفي هذا المقال لايسعني الا ان استوحي ابيات شعرية للفيلسوف علي الهويريني.

قصرك عقلك فحفظ قصرك
لا يدخله ثرثرة تبني شكلا
تغريك بأنك آية عصرك
فسفينك في بحر لجي مظلم
والشكل زجاجي معتم
فاجعل عقلك ربانا يأتيك الى قصدك
واحذر أن ترمي عقلك بغيابة شكلك
فالبحر عميق قاعه والحوت طويل باعه
جهول لهوم يتنكر في شكلك

.....فاحفظ قصرك .... فقصرك عقلك.....