السقاف والتوزيع الاستراتيجي لاستثمارات الضمان
السفير الدكتور موفق العجلوني
11-10-2021 01:56 AM
تشرفت بالعمل في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي في دائرة العلاقات العامة والاعلام، خلال الفترة من 1-1-1981 حتى 20-6-1982 حيث غادرت المجلس الوطني الاستشاري لالتحاق بالمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي وبناء على توجيهات في تلك الفترة من معالي الدكتور جواد العناني حيث كان وزيراً للعمل ورئيس مجلس إدارة الضمان الاجتماعي و خلال فترة 18 شهراً القيت ما يزيد عن 300 محاضرة في انحاء المملكة حول مفهوم الضمان الاجتماعي، نظراً لغياب ذلك المفهوم من قبل المشمولين في الضمان الاجتماعي و الشركات والمؤسسات التي يجب ان تخضع لأحكام قانون الضمان الاجتماعي.الى درجة كان هنالك رفض وإضرابات من قبل بعض المؤسسات، من منطلق ان الضمان الاجتماعي لا يخرج الا عن ضريبة إضافية ليكتشف المؤمن عليهم العكس تماماً هو ضمان اجتماعي وامان وظيفي للمؤمن عليه وعائلته ولا يبقى المؤمن علية تحت رحمة صاحب العمل بما يتعلق بتعويض نهاية الخدمة او راتب التقاعد او بما يتعلق بإصابات العمل وامراض المهنة، والعجز والشيخوخة والوفاة والتعطل عن العمل والمعونات العائلية والامومة والطفولة والتأمين الصحي وما الى ذلك.
ومن خلال ردود الفعل بعد المحاضرات، كنت الاحظ البسمة والفرح على وجوه المتلقين والاقتناع ان هذا القانون والاقتطاع البسيط من رواتبهم ومن صاحب العمل هو لصالح الفريقين العامل او الموظف وصاحب العمل.
في تلك الفترة كتن هنالك خوف وقلق إذا لم تكن هنالك استراتيجية لتنمية أموال الضمان الاجتماعي، من المتوقع خلال 40 عاما سوف يفلس الضمان الاجتماعي. و هنا مربط الخيل،سوف اتوقف عند موضوع تنمية أموال الضمان الاجتماعي . مع العلم انني غادرت الضمان الاجتماعي بتاريخ 20-6-1982 حيث التحقت ملحق دبلوماسي في وزارة الخارجية، وتعهدت في كتاب استقالتي للضمان انني سابقي سفيراً للضمان الاجتماعي، وها انا كذلك ...!!!.
مع بدايات تأسيس الضمان الاجتماعي تم تشكيل الوحدة الاستثمارية لتنمية أموال الضمان الاجتماعي،هذه الأموال التي كانت المحصلة من نسبة اشتراكات المؤمن عليهم ونسبة مساهمة أصحاب العمل، والتي كانت تشكل بدل تعويض نهاية الخدمة للعامل، وكان الهدف هو منح راتب تقاعد للعمال والموظفين غير الخاضعين للتقاعد المدني او العسكري.
حيث تم تحويل الوحدة الاستثمارية الى صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي عام 2003. وباشر نشاطاته الاستثمارية بكل عناية وبهدف تحقيق عوائد مجدية ومنتظمة للأموال المستثمرة مع الحفاظ على القيمة الحقيقية للموجودات وأصولها وتوفير السيولة اللازمة لمواجهة الالتزامات المستقبلية المترتبة على المؤسسة.
حقيقة تؤكد التصريحات الأخيرة الصادرة عن عطوفة رئيس صندوق استثمار الضمان الاجتماعي السيدة خلود السقاف ان أموال الضمان الاجتماعي بأيدي امينة وان التوقعات والحسابات الاكتوارية في بدايات تأسيس الضمان الاجتماعي حول الخوف من افلاس الضمان الاجتماعي جاءت معكوسة تماماً حيث تجاوزت موجودات الصندوق 12 مليار دينار بنهاية حزيران الماضي، مقارنة مع 11.2 مليار دينار نهاية عام 2020، وبنسبة نمو بلغت 7.5%.
وان دل هذا على شيء فإنما يدل على السياسة الحكيمة والاستراتيجية المدروسة التي انتهجها صندوق استثمارات الضمان الاجتماعي وبرعاية رئيس الصندوق السيدة السقاف ومن سبقها من الرؤساء. وهذه رسالة تطمين لكافة المشتركين في الضمان الاجتماعي والمؤمن عليهم وكذلك أصحاب العمل، والمشاريع التي يساهم بها صندوق استثمارات الضمان الاجتماعي.
وقد جاء التوزيع الاستراتيجي لموجودات الصندوق حسب ما اشارت السيدة السقاف يوم أمس على عدد من المحافظ الاستثمارية بهدف تنويع تحقيق عوائد مجدية والحد من المخاطر الاستثمارية، وكذلك الحد من تذبذب العوائد المتأتية من المحافظ الاستثمارية المختلفة.وهذا التوزيع قد مكن الصندوق من الاستمرار في تحقيق نتائج مالية جيدة من خلال اغتنام الفرص الاستثمارية المتاحة في الاقتصاد الأردني سواء بالتوسع في بعض الاستثمارات القائمة أو الدخول في استثمارات جديدة، كما مكن المؤسسة من الاستجابة السريعة للتحديات التي فرضتها جائحة كورونا من خلال استحداث العديد من البرامج الجديدة.
وبالرغم من ظروف جائحة كورونا والالتزامات الإضافية التي ترتبت على الضمان الاجتماعي، فقد لوحظ ارتفاع دخل الصندوق ليبلغ 313 مليون دينار من هذا العام مقارنة بـ251 مليون دينار لنفس الفترة من العام الماضي أي بنسبته ارتفاع 24.5%. وهذا الارتفاع حقيقة يعود إلى نمو العوائد الاستثمارية المتحققة من السندات وأدوات السوق النقدي والتوزيعات النقدية من أرباح الشركات التي تساهم بها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي. علاوة على السياسة التي تم اتباعها منذ نهاية العام الماضي بشراء أسهم في شركات استراتيجية وعلى أسس انتقائية في ظل الانخفاض المؤقت للأسهم عن قيمتها الحقيقية بالإضافة إلى التوزيعات النقدية من الشركات عن نتائج أعمالها والتي بلغت حصة الصندوق منها 51 مليون دينار منذ بداية هذا العام، قد ساهمت بشكل مهم في الدخل المتحقق للصندوق.
بنفس الوقت فقد بدأت الشركة الوطنية للتنمية السياحية المملوكة بالكامل للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي بتنفيذ بعدد من المشاريع في قطاع السياحة والتطوير العقاري إقامة مرافق ترفيهية وسياحية في عدة مناطق في مدينة العقبة. كما سيتم البدء قريبا بتنفيذ المخطط الشمولي لتطوير أراضي مملوكة للضمان الاجتماعي لإقامة مشاريع ضمن استعمالات تطوير تجاري وسكني في العاصمة عمّان.
والسؤال الذي يجب وضعه امام الصندوق:هل هنالك في خطط في صندوق استثمارات الضمان الاجتماعي للأعوام 2022-2024 تشمل تحديث السياسة الاستثمارية للصندوق بما يتماشى مع الأوضاع الجديدة الناجمة عن جائحة كورونا، وما يتطلب من المزيد من التنوع والتوسع في الاستثمارات وفق هذه الأوضاع. إضافة الى تعزيز مستويات الرقابة على أموال الصندوق، وتعيين الكفاءات،والتعاون مع مختلف الشركات التي يمكن أن تحقق التكامل مع شركات أردنية. اضافة الى النظر إلى العائد الاقتصادي للمشاريع والاستثمارات عوضًا عن حصر الاهتمام بالعائد المالي لها، حيث إن دور هذه المشاريع يكمن في المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة، ومعالجة الفقر والبطالة وتطبيق التأمينات الست التي نص عليها قانون الضمان الاجتماعي وخاصة التامين الصحي الشامل والبطالة، وليس في تحقيق الربح فقط. إضافة إلى أهمية دراسة آثار هذا العائد الاقتصادي على التوظيف، وزيادة الدخل، وزيادة العوائد، و النظرة الشمولية لاقتصاد الأردني بشكل عام .