* حملتْ مجلة (فورن أفيرز) الأمريكية في عددها لشهريْ (نوفمبر- ديسمبر 2021) مادة زخمة متنوعة، ولكنني توقفت عند مقالة بعنوان (عصر أمريكا أولاً)، حيث تركز على التوجهات السياسية الخارجية والداخلية المتوقعة في عهد الرئيس الأمريكي- بايدن- والمؤشرات الدّالة على تلك السياسة فهي تنطلق من الحفاظ على النظام العالمي وحمايته، وقيمة التحالفات الأوروبية- الأمريكية، فكان الأهتمام باتفاق باريس للمناخ العالمي، وأهمية عودة أمريكا لقيادة العالم الديموقراطي، وقيادة العالم نحو مستقبل أكثر سلاماً وأمْنا لجميع الشعوب في معركة ما بين الديموقرطية والأستبداد.
*وثمة إعتراف بأن السياسة الأمريكية لم تبذل جهداً كافياً لمواجهة التحديات العالمية بسبب الأختلال الداخلي، فالسياسة الخارجية تبدأ من الداخل القوي لتمتد نحو الجيوسياسي وتحدياته، فهي معادلة أمريكية: نجاح السياسة الخارجية مرتبط بنجاح السياسة الداخلية، وثمة عاملان اساسيان لنجاح السياسة الداخلية: التمسك بالقومية الأمريكية... والتمسك بالقيم الامريكية، فكان الهجوم على مبنى الكابيتول بعد الأنتخابات الأخيرة اعتداءاً على الديموقراطية، أهم القيم الأمريكية.
*تتجه السياسة الأمريكية الخارجية للتعامل مع الأنظمة القريبة من القيم الأمريكية، وبخاصة في مجاليْ إحترام حقوق الأنسان والتحوّل الديموقراطي؛ وبدونهما يظل العالم أقلّ حرية وأكثر عنفاً، وأشدّ ضعفاً في مواجهة التحديات المشتركة عالمياً.
* ومن أهم ما يلفت الأهتمام في هذه المؤشرات للسياسة الخارجية الأمريكية التوجهات نحو الانسحابات العسكرية من منطقة الشرق الأوسط لتبقى في حدها الأدنى.ولا يوجد معنى للوجود العسكري الأمريكي خارجياً وعلاقة ذلك بالقيم الأمريكية... والتفسير الوحيد لذلك هو النزعة الأمريكية الأستعمارية المقنّعة، ففي الجانب الآخر، كان دورها في تزويد العالم باللقاح المضاد لكورونا محدوداً.
*أما في قضية الصراع الفلسطيني- الأسرائيلي، فيبدو أنها لن تبذل جهداً ولن تقدم مبادرة جادة لتحقيق السلام بينهما، سيكون إهتمامها في المنطقة، بتقديم الدعم الأقتصادي للشعب الفلسطيني تحت الأحتلال... وتتفق السياسة الأمريكية مع توجهات السلطة الأسرائيلية الحالية حيث ترى أن ما يسمى (حل الدولتيْن) ما يزال بعيد المنال.
الدستور