أداء الرؤساء الجدد للجامعات الأردنية
د. أنيس خصاونة
09-10-2021 04:00 PM
شهد عدد من الجامعات الأردنية مخاضات عميقة على مدار السنوات القليلة الماضية تتعلق بأداء رؤسائها وقياداتها ، وتم إجراء تقييم لمستوى كفاءة وفعالية إدارات هذه الجامعات وفقا لمؤشرات الأداء التي تضمنتها الإستراتيجية الوطنية للموارد البشرية.وبعد أخذ ورد ومقاومة شرسة من قبل قوى الشد العكسي ، تم إعفاء عدد من الرؤساء وتعيين رؤساء جدد وفق آليات لم تخلو نفسها من النقد ولكنها في النهاية خرجت بتعيين رؤساء نعتقد أنهم أصبحوا أمرا واقعا ويجب التعامل معهم خصوصا وأن بعضهم معروفين في الأوساط الأكاديمية والحقول المعرفية التي ينتمون إليها.
لقد مضى على تعيين رؤساء الجامعات الجدد ما يناهز الشهرين، وفي الوقت الذي نعتقد بأن مجرد إعفاء الرؤساء السابقين وتعيين بدلائهم قد نزع فتيل الصراعات والتوتر الذي ساد في المراحل السابقة، فإن العاملين في الجامعات في حالة ترقب وانتظار لما يمكن أن يفعله هؤلاء الرؤساء الجدد. لم تشهد أي من الجامعات ذات الرئاسات الجديدة أي تغييرات ملموسة أو قرارات هامة تشي بتغير في المنهجية واساليب العمل ،حيث لم يقدم أيا من الرؤساء الجدد خططا وبرامج تبين كيفية التعامل مع الأزمات المالية والأكاديمية لجامعاتهم .ما زال الرؤساء الجدد يمارسون ما اصطلح على تسميته باللغة الإدارية "تسيير" المؤسسة دون الانخراط بتناول قضايا جوهرية والتعامل مع مشكلات وتحديات جدية تواجه الجامعات.والحقيقة أن المتوقع والمطلوب من هذه القيادات أكثر بكثير من مجرد تسيير الجامعة(Running the University) وعليها التعامل مع اختلالات متعددة في الجوانب المالية والإدارية والأكاديمية تواجهها جامعاتهم.
نعم ربما نتفهم أن الرؤساء الجدد للجامعات يحتاجون لمزيد من الوقت لتفهم المشاكل والإطلاع عن كثب على واقع الأمور ،وربما نتفهم أن القرارات الهامة تحتاج إلى تروي وتأني وخصوصا في ظل التزاحم على المواقع والتضليل الذي يمارسوه صيادوا الفرص والمناصب ،لكننا نعتقد أن ذلك لا يمكن أن يطول لأكثر من شهرين إلى ثلاثة شهور .إن التأني المفرط لا يصبح تأنيا بقدر ما يصبح ترددا وأحيانا تباطؤا في اتخاذ القرار.الجامعات مؤسسات عملاقة أعداد العاملين بها كبيرة جدا وأكثر من نصف كادرها من الأكاديميين الذين يعرفون مكامن الخلل ومواطن الفساد ويعرفون من كان الضحية ومن كان الجلاد في عهد الإدارات البائدة.
ونتوقع بأن لا تلعب أي إعتبارات دورا في اختيار الفرق الإدارية والأكاديمية عند تعيين المجالس والقيادات الإدارية والأكاديمية لهذه الجامعات. وينبغي أن نشير هنا إلى أن أغلب ،إن لم يكن جميع المواقع القيادية في الجامعات باستثناء رئيس الجامعة، هي ذات طابع أكاديمي فني تماما مثل نظيراتها في المواقع القيادية في المستشفيات والعيادات الطبية والمشاريع والشركات الهندسية مما يستدعي بالضرورة عند اختيار قيادات هذه المواقع التركيز على الجدارة والمهنية والملائمة القيادية للمواقع.بعض العاملين في الجامعات يراهن على علاقاته الشخصية على أمل أن يحظى بفرصة أو بمنصب في جامعته ،أو أن ينال من زملائه من خلال الدسائس والمكائد،ونحن نعتقد أن قواعد اللعبة يجب أن تتغير وأن على صناع القرار ادراك أن من يتم اختياره على أساس الجدارة والكفاءة يخدم وطنه ومؤسسته وجامعته أفضل بكثير ممن يتم اختياره لمجرد ممالئته ونفاقه دون توفر الحد المطلوب من الكفاءة للموقع. العاملين بالجامعات في حالة تفاؤل وترقب ومتابعة دائمة لما ستفعله قيادات الجامعات الأردنية الجديدة في الأيام المقبلة ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾ صدق رب العزة.