الغشّ أخطر ما يهدد المجتمعات البشرية
القس سامر عازر
08-10-2021 10:32 AM
أخطرُ ما يهدِّدُ حياةَ الإنسانِ ويفسدُها هي روح الغشّ، فمثلُ هذه الروحُ تدمّر صاحبها قبل أنْ تسيءَ للآخرين وتنتقصَ من حقوقهم وكرامتهم. وكم يتعرض الإنسان في حياته للغش بطرق وأشكال مختلفة، فشكْلُ الإنسان الخارجي وكلماتُه وأسلوبُه قد يخفيَ ما في باطنه من غِشٍّ يَصعبُ اقتفاءُه في لحظات معينة إلا بعد أن يَبُّثَ الإنسانُ الغشاش سمومَ غشّهِ فيتسبب في أضرار بالغة يصعبُ اصلاحُها.
لذلك يطوب الله الإنسان عديم الغشّ الذي ليس في روحه غش (مز 2:32)، فنحن مخلوقين لنعيش حياة الصدق والأمانة وأن نظهر ما نبطن ولا نعيش بتناقض بين حياتنا الخارجية والحياة الداخلية، إذ يجب أن يكون هناك انسجام تام بين ما يؤمن به الإنسان في قلبه وبين ما يتكلم به ويمارسه في حياة العملية، وهذا معنى أن يكون الإنسان صادقاً مع نفسه ومع ربه ومع الناس.
ولكنّ الواقع مختلف قليلاً لأن الغش وسيلة نذلة للإغتناء على حساب الفقراء، ووسيلة للوصول إلى المبتغى بطرق ملتوية، وأسلوب رخيص لتبرير المواقف والقرارات بتلفيقات واختلاقات ليست من أرض الواقع. لذلك علينا أن نَحْذَرَ في حياتنا من الغش لأنه مِثْلُ الكذب حبله قصير، وأثاره على صاحبه مدّمرة، ومتى انعكشف أمره لا يعود الإنسان يكسبُ ثقة الآخرين مرة أخرى.
وأفضل علاج للغشِ هو القناعة بما عندنا واتباع الصدق والأمانة، والإرتقاء إلى القيم التي يتطلبها منّا موقعنا ومنصبنا في الحياة، فالغش هو خداع واحتيال، وأخطر شيء عندما نحتالُ على الوطن ونغشُّهُ ونخونُهُ لقاءَ حفنةٍ من المال أو لقاءَ اغراءات يسيل عليها لُعَابُنا كما سال لعابُ الإسخريوطي ليسَّلم سيده لقاء ثلاثين من الفضة والتي كانت سبب انتحاره. ومن يعيش في الدول الغربية يكتشف بسهولة أن أكبر جريمة مجتمعية هي الكذب عندما يحتال المرء على القوانين والإنظمة ويتهرب من واجباته المطلوبة منه وينتهك ما يطالُ حياةَ المجتمع بأسره، لذلك يكون العقاب كبيراً. فما بال دولنا في المشرق العربي، ألم يحن الوقت لتغليط العقوبة على كل من تسول له نفسه خيانة الإمانة والتطاول على المال العام والمصلحة العامة لقاء مصالح خاصة ومكاسب فردية؟
لربما هو واجب على دولنا أن تغلّظ العقوبات لأجل حماية المجتمعات من ضعاف النفوس ومن النفوس الإنتهازية التي جُبلت بروحِ الغش والخداع والإحتيال.