الهجوم على الأردن والمستقبل السياسي
نور الدويري
07-10-2021 09:34 PM
لاشك أن المتابع لخطوات الدولة الأردنية، وتحولات المنطقة سياسيا واقتصاديا في العقدين الأخيرين، وما بعد الإتفاقيات الخليجية، وماذا يمكن لجلالة الملك أن يقول لبايدن الصديق؟، بعد إنتهاء هاجس ترامب، أو ما أطلق عليه سياسيا صفقة(السلام والازدهار) وأشتهر إعلاميا(بصفقة القرن)، ثم يراقب التحولات الداخلية المتسارعة، وتأرجح تثبيت بوصلة إدراك إمتزاج الرأي العام، ودراسة ردود الأفعال جيدا، وضرورة ردم الفجوة، وأخيرا المنظومة السياسية، والتقارب الأردني السوري الذي بالطبع سيلحقه تقارب قطري وروسي ..... ثم وثائق بندورا.
يدرك تماما أن الوضع الإستراتيجي للأردن تغير بشكل جذري، وإن فتح قنوات جديدة لا يجب أن يربك أحد بل كان يجب أن يكون هنالك خططا مبكرة لاستدراك ازمات وكنا قد حذرنا مسبقا أسوة بخبراء، ومتخصصين ، ومراقبين من وصولنا لنقطة مربكة، فمنذ أزمة الرابع وما يعتبره الكثيرون انه سقوط للحكومة!. وانا أوجه خطابي كل فترة لتوقعات تضخم الأزمة والتي لم يتم حلها من الجذور ، بل كانت قصقصة جنحان لا أكثر، وها نحن أمام فترة حاسمة من الضغوطات المباشرة ومن فوق الطاولة، بدأت على شكل هجوم بندورا معلوم الأسباب.
فقد تجاوزنا مرحلة مواجهة العاصفة ، نحن الأن وسطها تماما، وهذا الوسط وما سيلحقه هو الحد الذي سيقرر مصير المئة عام القادمة للأردن .
ردود فعل العامة، واستجابات النخب للظروف المتغيرة .
لاشك أن وسائل التواصل الإجتماعي أخترقت إمكانيات الدولة في الحفاظ على سلوكيات الجمهور، وأسقطت حراس البوابة، وعومت المعلومات وفتحت شهية الإشاعات، والمعلومات المضللة، وأختراع البث المباشر، وساهمت في توجيه رأي عام قد لا يكون بالضرورة صائبا أو العكس نظرا لحجم، وأسلوب، والشخوص المتحكمة بإطلاق المعلومات، وهذا بحد ذاته سيف على رقبة الأمن الوطني، والحاجة لتتبع الرأي العام بشكل علمي، موضوعي، وبتفكير بديهي حذق، وآلية امتزاج الرأي العام بات علما يحتاج الإلتفاف حوله لإدارة الأزمات، كما أنها خلطت أوراق النخب، تحت ما يسمى تصفية الحسابات.
الإعلام الأمني بين الواجب وتعريفه أصلا للإعلاميين.
إن فضفضة مفهوم الإعلام الأمني، أو ما يعتبره الكثيرين إرتباطا بالأجهزة الأمنية عموما يجب تغيره تماما وقريبا، لأن الاعلام الجديد صنع عبر قنواته، وأدواته الجديدة، والمتنامية، واجبا مسؤولا لتوجيه البوصلة نحو تعريف ثقافة الإعلام الأمني وتجذيبه، ودفعه ليكون أسلوب إعلامي مدمج بين الخاص والرسمي، لتمكين المسؤولية الصحفية والإعلامية ، من أجل حماية الأمن الوطني، والتي تتمثل في إدراك معايير الإنتقاد ومنهج الإعتقاد، وأسلوب الإستقصاء، لأن الإعلام الجديد يمكن أن يكون سلاحا قاطع بيد الدولة، فالإعلام الأمني مثلا لعب دورا مرعبا في حرب أمريكا على العراق، ثم في أزمة سورية في عيون أوروبا وامريكا، وأخيرا أهداف جائحة كورونا وحقيقتها !.
المستقبل السياسي والخوف على الهوية الوطنية
لابد أن هاجس مفهوم الهوية الوطنية والجامعة أخذ حيزا مقلقا لكل شرائح الوطن، وهنا لابد من الإشارة إن الأردن قبل السبعين، تغير لأردن مختلف ما بعد السبعين، ثم ركود التسعين، وفراغ الالفية، يجب أن يدفع كل الوطنين والأردنيين بمراتبهم العشائرية، والحزبية، وايا كانت القناعات بالايدلوجيات، أن تقودنا لأهمية واحدة، أن نقرأ هم الوطن بشكل مختلف، أن ندفع بالامتزاج بين العشائرية والحزبية، كحاجة لردم الفراغ، والنهوض بالوطن، والمثير للدهشة أنك تجد من يعارضون الهوية الجامعة، هم نفسهم من يشجعون على إنخراط أبناء العشائر في الأحزاب؟! في دلالة واضحة لعدم فهم مضمون الهوية الجامعة.
إن الوطن لا يحتاج لتثبيت هويته المترسخة، بل يحتاج لتزاوج فكري بين قاعدة الدولة (العشائر) ، وافقية العائلات ذات الأصول الفلسطينية، ودور الجميع في تعزيز المثلث (الاقتصادي، السياسي، الاجتماعي)، والتي منحت الأردن ومنحها الأردن الثقة، وتم الانصهار للتشكل هيكل الدولة.
أن النضوج الوطني اليوم يجب أن لا يشوه، بتضيقات لن تضيف للحالة العامة سوى التأزيم، وهذا واجب إعلامي بحت، لتقريب الصور، وتاكيد على الهوية الوطنية الراسخة، وتقبل الأنصهار، وان المنظومة السياسية لن تقوم بدون ادماج كل الاطراف المنتمية للوطن، لأجل الوطن.
المواطنة المسؤولة ودافعي للبحث.
كنت قد نشرت مجموعة مقالات حللت فيها الواقع والمتوقع، ثم ناقشت بحثا أكاديميا بعام ٢٠١٩، تناول أسلوب وأدوات الإعلام الأردني في التعاطي مع الأزمات وأخذت قناة المملكة، وجائحة كورونا، مجتمع وعينة بحثية ، ثم سلسلة تقارير عملية منوعة ضمن مساحة عملي، وبحث لجهة رسمية لأسباب عملية بحته احترم مساحة الحرية المسؤولة فيها، ولن أتحدث عن مضامين مباشرة، لكنني سأتحدث اليوم بصفة المواطنة المسؤولة، وما نحتاجه اليوم عن معرفة ماهية أساسيات وأدوات الإعلام الأردني، في استيعاب التطورات وارتباطاتها ببعضها البعض، لتكون سلسلة ازمات متوقعة كان يمكن، ويمكن أن يتعاطى معها بشكل مختلف، إذا ما بدأنا نقتنع بالحاجة للتغيير لأجل ضمان مستقبل قريب وبعيد يضمن الإستقرار .
فلابد أن الخص النتائج والتوصيات (لبعض) ما تمت دراسته :
1- التركيز على اهمية تطور القوالب الصحفية على وسائل التواصل الإجتماعي و/ الإعلام الجديد.
2- التركيز على التقارير الاستقصائية، والترويجية.
3- إنشاء هيئة مستقلة و/ أو خلية و/ او وحدة إعلامية متخصصة بكل اشكال الاعلام المتخصص، لادارة الازمات اعلاميا ، بحيث تكون شبه حكومية لإبقاء مصالح الوطن هي العليا ، مع شراكة المؤسسات الإعلامية الخاصة .
4- إصدار دليل إرشادي للصحفين والإعلامين والمؤسسات الإعلامية بكيفة استقصاء المعلومات واختيار القوالب الصحفية .
5- دورات للصحفين والإعلامين متخصصة ومتقدمة، تعنى بالاعلام الجديد ومتعلقاته .
6- التنسيق مع خلية الأزمات لتدفق البيانات دون تضارب.
7- مراقبة ما يطلق عليهم المؤثرين ، واعادة فلترة اهميتهم مجتمعيا وقوة تاثيرهم في الجمهور.
8- اعادة هيكلة تنظيم كل وحد الاعلام والاتصال والعلاقات العامة في المؤسسات الرسمية، وربطها بخطة الاستراتيجية الإعلامية.
9- ربط الإعلام الحكومي بنواة إعلامية متخصصة وتوزيع الأدوار، وتحقيق التفاعلية والتشاركية .
وغيرها من التوصيات التي بنيت على أسس دراسة علمية، ومقاربة SWOT، ومتابعة وجمع وافي لبيانات وردت في الإعلام الأردني الخاص والرسمي.
نحن اليوم أمام مواجهة حقيقة توجب علينا الإتحاد ورص الصفوف، وتوحيد اللغة، في سبيل ضمان مصلحة الوطن، وسيادته، وتنحية أية خلافات، أو فروقات، أو تحليلات فردية، وإحترام بعضنا، والإقتناع أن المرحلة لا تحتاج تجميلا، بقدر ما تحتاج ترميما يبدأ من الذات كفرد، ثم كمجموعة ننتمي إليها، ثم مجتمع تنتهي فيه حريتنا الفردية عندما نحتاج حرية الوطن، كفالة استقراه، وتعزيز الإنتماء للملك وحمايته كما الوطن واجب مسؤول.