عن اعادة بناء الجامعة العربية
سامي الزبيدي
29-06-2010 06:29 AM
احتضنت العاصمة الليبية طرابلس امس الاثنين القمة العربية الخماسية لقادة ليبيا والعراق واليمن ومصر وقطر لبحث اعادة بناء جامعة الدول العربية حيث ينتظر ان يطرح ما تتمخض عنه القمة على قمة عربية ستعقد في وقت لاحق من العام الجاري.
اعادة بناء الجامعة حلم ليس له ما يبرره واقعيا اذ ان هذه المؤسسة بقيت اطارا للعمل العربي المشترك في حدوده الدنيا منذ تأسيسها بعد الحرب العالمية الثانية وعلى مدى الحرب الباردة غير ان هذا الاطار كانت تعتوره مشكلات بنيوية اعاقت تحويل الاحلام العروبية الى واقع ولم تستطع الجامعة منع انعكاسات الحرب الباردة واستقطاباتها على الفضاء العربي وكان الاجماع كوسيلة لاستصدار القرارات العقبة الكأداء في سبيل اي انجاز.
لقد ماتت اكلينيكيا جامعة العرب فور انتهاء الحرب الباردة وتحديدا خلال فشلها في ازالة اثار الغزو العراقي للكويت وانكشاف المنطقة امام القوى الدولية لتزيل اثار ذلك العدوان... في ذلك الوقت بالذات ماتت الجامعة ولم تعد تمثل اكثر من ناد دبلوماسي عربي يجري فيه تفريغ الشحنات العروبية دون ان يكون لتلك الشحنات اي اثر في الساحة الاقليمية او الدولية.
ليس سرا ان حجم التبادل التجاري بين اسرائيل وعدة بلدان عربية يفوق حجم التبادل التجاري البيني كما ان علاقة اسرائيل ببعض الاقطار العربية اكثر متانة من علاقة بعض العواصم العربية فيما بينها.
لكن ثمة ما هو اخطر من ذلك ففي مجال تقييم وتحديد التهديدات للامن الوطني فان اسرائيل لم تعد مصدر تهديد للبعض في حين تم استبدال دولا في الجوار العربي كمصادر تهديد بدلا من اسرائيل.
ففي حين يطرح السؤال الاستراتيجي: ايهما اولى بالاهتمام انهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية ام انهاء ملف ايران النووي نجد ان الاجابات العربية ليست موحدة، بمعنى ان الجامعة العربية لم تتمكن فيما مضى وليست مهيئة الان لتحديد مصادر التهديد للامن القومي العربي ، هذا اذا كان مفهوم الامن القومي العربي مفهوما واقعيا.
ثمة من يقول ان تحييد الملف السياسي في العلاقات العربية العربية والاهتمام بالملف الاقتصادي وبناء اطارات للتكامل في المجال المذكور قد يكون طوق نجاة لانقاذ العمل العربي المشترك واعادة بناء الجامعة في ضوءه غير ان هذا الرأي يندرج في سياق التفكير بالتمني باعتبار ان العرب حين واجهوا تحدي رفع الحصار عن غزة وهو ملف سياسي فشلوا كما فشلوا ايضا في اعادة اعمار غزة وهو ملف اقتصادي والسبب هو سياسي بامتياز.
اذن التجربة المرة في غزو للعمل العربي المشترك اظهرت فشلا ذريعا سواء في السياسة او في الاقتصاد.
في المحصلة فان الجامعة العربية هي ليست اكثر من ناد سياسي لنظم سياسية ناطقة بالعربية لا يجمع فيما بينها الا البقاء على قيد الحكم بصرف النظر عن اماني الشعوب ومن هنا وحتى يطلق سراح الشعوب العربية لتختار الطريق الذي تسير فيه لبناء مستقبلها فان العمل العربي المشترك سيبقى معتقلا لمصلحة تختلف عن مصالح الشعوب الناطقة بالعربية.
الراي