من يحمينا من وسائل الإعلام السلبية؟
د. عدنان سعد الزعبي
07-10-2021 10:21 AM
من يحمينا من وسائل الاعلام – بل من يحمينا من هؤلاء الذين يقومون على وسائل الإعلام السلبية أو من الذين يستغلون وسائل الاعلام والأقلام المأجورة ليستبيحوا الحقيقة ويغتالوا الشخصية ويسيئوا للشعوب والبلدان ويأطروا خصومهم بقوالب هم يريدوها وصيغ هم يصنعوها.
من يحمينا من الإعلام ومن هؤلاء الذي يفرضون إرادتهم على وسائل الاعلام المأجورة سؤال وجب علينا جميعا مناقشته وتحليله والتعرف على أدواته.
فإذا نظرنا إلى ما نشرته وثائق باندورا حول ما سمي بالحقائق الاستقصائية، والتي تبنت وسائل اعلام بريطانية وامريكية نشرها، وراحت بعضها في برامجها الساخرة تهيج الشعب الأمريكي ضد الأردن ونظامه وتركيز بعض الصحف الامريكية في تكرار ما نشر عن الأردن وقطر، فإن الامر أصبح واضحا بأن ما نشر هو جزء من عملية منظمة لتشويه الصورة الأردنية وبالتالي الإساءة ليس للنظام السياسي بل والوطن بأكمله والضغط عليه من جديد. فتغريدات عدد من اعضاء الكونغرس حول المساعدات للأردن أنما يسيء للأردن ولشعب الأردن على أعتبار ان الأردن يعيش في ضائقة اقتصادية يعاني منها الجميع فما تقوم به بعض وسائل الإعلام الغربية الهامة لا ينطلق من مهنية إعلامية تحرص على الحقيقة، وأهميتها بالنسبة للشعوب، فإذا بحثنا في مضامين المعلومة، نجدها لا تقترب من مفاهيم غرابة المضمون أو القيمة الإضافية للمعلومة التي لا بد وأن تأتي بشيء جديد وتضيفه الى مخزون المعرفة لدى المتلقين ليساعدهم على تكوين رأي والحكم على الأشياء كما أقرها علماء الإعلام. وهذا ما جعل مهنة الإعلام ترتبط بمهنة المحققين في عملية الاستقصاء للوصول للحقيقية التي يتعمد البعض اخفائها كونها تخالف القانون والمنطق والعقل ولها بعد مهم في مسيرة وإهتمامات المواطنين.
وهنا يأتي السؤال المنطقي: هل ما يملك الملوك ورجال الأعمال والإقطاعيون مخفي عن من يريد الوصول اليه لمعرفته، وهل ما يملك هؤلاء جاء بطريقة غير قانونية حتى نعتبرها قضية، وهل عرف مصدره؟
الخطورة فيما جاء بوثائق باندورا هي توقيت نشر هذه الوثائق والتركيز على أفراد بعينهم دون سواهم فهناك آلاف مؤلفة من أصحاب المال والثروة، فهل تم ذكرهم؟! كذلك تكمن الخطورة في الاطار الذي وضعت به المعلومات لتكون موجهة نحو جمهور مستهدف في الداخل وفي الخارج وخاصة من يساعد الأردن في أمريكا والاتحاد الاروبي. في حين تكمن الخطورة الثالثة في من يقف وراء هذه الحملات وهدفه الباطن والظاهر والتي لم تبتعد عن محاولات الانتقام والإخضاع والهيمنة وبالتالي تنظيم المؤامرات التي تستهدف دولة أو نظام بعينه.
فالمتابع لوسائل الاعلام التي تبنت هذه الوثائق بدأت بالأردن ثم تلاه قطر, وهذا يؤكد بالتحليل الواعي والاستقصاء الفكري، أن مثل هذه الدول والانظمة مستهدفة بلا شك ومن جهات جمعتها المصالح المشتركة؟!, وأن مجرد نشر مثل هذه المعلومات بقوالب: إطارها الفساد أو نهب الشعوب، أو أهمال الشعوب أوعدم الاكتراث بها, أو الإستيلاء على المساعدات القادمة لها, والتهرب من الضرائب المترتبة عليهم. إنما مسألة تصب في محاولة الاساءة المتعمدة لمثل هذه الشخصيات. على اعتبار أن شركات الملاذات الآمنة (offshore) موجودة منذ عشرات السنوات، ومن حق أي شخص يملك المال أن يلجا اليها لتخفيف الضرائب عليه وبصفة قانونية.
وهنا يأتي السؤال: هل المحافطة على سرية ممتلكات كبار شخصيات العالم السياسية يأتي من باب إخفاء الحقيقة، وهل يحق للاعلام أن يتناول الجانب الشخصي للأفراد حتى ولو كانوا ملوك؟. وهل راعت تلك الوسائل والهيئات الاستقصائية مفهوم الخصوصية التي تقتضي السرية التامة وعدم الخوض بها من قبل الإعلام ولا يحق لأحد تناولها، إلا وفق قواعد مهنية قانونية، كون كشفها يفضي الى حقائق أكبر من مجرد التملك. وهل من حق تلك الشخصيات السياسية ومن الناحية الأمنية إبقاء حركتها وتنقلها ومسكنها في حالة سرية، وقت بات الإنسان غير آمن على نفسه أو بيته أو ممتلكاته. فكيف بشخصيات رفضت المساومة أو الخنوع لإرهاصات المال الوفير وإغراءاته فما هي مبالغ الـ 100 مليون دولار أمام ما ينفقه زعماء وأشباه زعماء على التآمر والإغتيالات وقلب أنظمة الحكم وتشريد الشعوب.
من الواضح أن الأردن وقطر مستهدفان وأن الإعلام السلبي أصبح ظاهرة شائعة في العالم حتى في أعتى دور الاعلام المرئي والمسموع والألكتروني، وأن شراء الذمم لقولبة الحقائق وتنميط الشخصيات والدول، أصبح مباح ومتاح مقابل الدولار الذي يدفع بسخاء.
فعندما يصل الإعلام إلى هذا المستوى نعيد طرح سؤالنا المتنامي من يحمي الإنسان من مثل هذا الإعلام بل لنقل: من هؤلاء الذين يتملكون وسائل الإعلام ومن الإعلاميين الذين ينتظرون من يدفع أكثر
الإعلام يهبط ، والصحافة تتراجع أمام الدولار والتآمر يتنوع ويتبدل ويتشكل بأوجه مختلفة ومعروفة .