واذ يشاطر الاردن مصر بذكرى اكتوبر المجيدة فانه يشارك الامة الاحتفال بهذا النصر التاريخي المجيد والذي جاء من اجل استعادة الامة لحقوقها المغتصبة ومن اجل حفظ التوازن بنظام الضوابط والموازين ليبقى النظام العربي يشكل حماية للانظمة العربية ورافعة لقضاياها وقادر على فرض مكانته الجيوسياسية وكذلك حدود توازن القوى ومن على هذه الاهداف جاءت حرب اكتوبر فاكدت على الهوية العربية ومكانتها عندما قامت لاستعادة الارض العربية وجاءت من اجل تثبيت الوجود السياسي للنظام العربي فى المنطقة فكانت ان انتفضت مصر وكما الامة معها لتثبيت الدور وتحصين المكانة.
وفي اكتوبر 73 امتزج الدم العربي مع بعضه البعض ليروي التراب العربي قصة مجده عندما وقف السلاح العربي في خندق واحد يدافع ببسالة عن كرامة الامة وارضها الطهور فكان ان قال العرب كلمتهم تجاه كل القوى الاقليمية والدولة وسدد بندقيته تجاه المحتل توحدت الامة العربية جمعاء في خندق التحدى والصمود الذي لم يفرق حينها بين هذا الاردني وذاك المصري او هذا السعودي وهذا العراقي فلقد أذابت اكتوبر كل الهويات القطرية ووحدت اكتوبر الجميع تحت مظلة واحدة وهدف واحد عنوانه وحدة الدم والمصير وعندما جعلتهم اكتوبر يقفون خلف قيادة واحدة ورسالة مشتركة وهذا ما جعل من اكتوبر لا تشكل بمضامينها حربا للتحرير او التحرر فقط بل كانت معركة من اجل الامة ووجودها كما كانت من اجل القانون الدولي وتطبيق انظمته وتنفيذ قوانينه فكانت ان دفعت بالاحتلال من على الاراضي العربية فجعلتها محررة وقدمت هذه المعركة عنوانا تاريخيا في حقبة كانت مفصلية من التاريخ العربي.
فمن حق مصر ان تحتفل بإنجازات اكتوبر وتشاطرها الاردن والامة بذلك ليس لكونها حققت نصرا مظفرا على غطرسة عدو مستكبر على اهميته بل لان الامة كانت قد توحدت جمعيها من اجل تحقيق هذا الانجاز الذي جعل من النظام العربي يؤكد مكانته ومقدار التفافه حول راية الامة ووحدتها فالامة قد تكبو لكنها حكما ستعود لتنتفض على ذاتها لتحقق ذاتها وهذا ما بينته كتب التاريخ وهذا ما جلاه الموقف العربي بوحدة في خندق اكتوبر المجيدة.
وهذا ايضا من يعزز فينا الامل بأن هذه الامة ستعود وتلملم جراحها بعد ما تقطعت بها سبل وصلها نتيجة الدسائس والمؤمرات التي حيكت لفرقتها مما جعل الكثير من المجتمعات العربية تعيش مناخات التهجير والتشريد ومجتمعاتها ترزح في خانة المجتمعات غير الامنة غير المستقرة لكن النهج العربي مازال متأصلا ويمكن العودة باطاره والفكر العربي مزروع في عقول وافئدة المجموع العربي وان عودة النظام العربي ليشكل اطار العنوان والدور ويكون قادرا على تعزيز عبرة على تعزيز مناخات الاستقرار وزراعة الامان لهذا المواطن العربي اينما كان على الارض العربية لابد ان يعاد ترسيمه ليعود النظام العربي فيعيد نظام الضوابط والموازين الى ميزانه الدقيق يكون قادرا على حماية الامة من تنامي تخلخل القوى الاقليمية المحيطة الى اراضيها واستباحة اجوائها ومراكزها السياسية.
فان عودة النظام العربي لسابق مجده بدأت مساراتها تنسج ومراكزه الاساسية تربط بين مركز الثورة العربية في عمان الى حاضرة العروبة في القاهرة وفق سياسية يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني واخيه الرئيس عبدالفتاح السيسي من اجل عودة هلال الامة من ملتقى البحرين في دمياط الى ملتقى النهرين في بغداد الى مكانته العربية بعدما حاولت دول اقليمية اختراق المشرق العربي وتبديد بوصلة توجهاته لكن الارادة السياسية الصلبة التى تقف عليها القيادتين في عمان والقاهرة ستعيد للجسم العربي مكانته وحضور من وحي ايمانها بما انطلقت اليه منطلقاتها التي كان قد اطلقها بنو هاشم مع نهايات الحرب العالمية الاولى من اجل العرب ورسالتهم وبينها انجاز التحرير والنصر الذى شكلته ام الدنيا في اكتوبر المجيد.
(الدستور)