قُم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولاً
يُحتفل بعيد المعلم سنوياً في الخامس من تشرين الأول من كلّ عام، لما لدور المعلم من أهمية كبيرة في تنشئة الأجيال القادمة ومدهم بالمعرفة والمعلومات و البيانات والخبرات. ولقد شهد له التّاريخ بالرّفعة، فيقول معلمنا الأول الرّسول صلى الله عليه وسلّم : (إنَّ اللَّهَ وملائِكتَهُ وأَهلَ السَّماواتِ والأرضِ حتَّى النَّملةَ في جُحرِها وحتَّى الحوتَ ليصلُّونَ على معلِّمِ النَّاسِ الخيرَ) ، فعلى كلّ إنسان أن يحترم المُعلّم، وأن يشكره على جهودة العظيمة ، فهو الذي يسقي العقول بالأفكار، ويحميها من الانجراف إلى المفاسد والمضارّات، كما يحميها من الجهل. إنّ للمُعلّم دور عظيم يتضح بعِظَم المسؤوليّة التي يحملها على أكتافه، فلهُ دور في المجتمع كلّه، وذلك كان أولى النّاس بالاحترام والتّقدير، وإنّ لمُفردة المُعلّم علاقة بكلمة العلم والتي اشتقّت منه، وبهذا العلم الذي يحمله يُنير الأرض جاعلًا إيّاها خضراء بعد القحل.
فالمعلم هو عماد الدولة وحجر الأساسِ فلا تقوم الدول والأوطان إلا به ولا تزدهر النفوس بالعلم إلا بفضله فالمعلم أحدُ الرِجالات الأساسية في تشكيل المجتمع، به تزهو العقول وتتفتح الأذهان، ومن تحت يديه يُصنَع الرجال منهم الطبيب والمهندس والعالم ومنهم من يكمل الدرب عنه ويسير على خطاه ناهلاً من باب العلم الذي فُتح عليه بفضل هذا المعلم الذي علَّمه ، وبه قيل : قُم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولاً.
كم من معلِّم تَفطَّرت قدماه وهو واقِف يعلِّم طلابه ، وكم معلم وافته المنيةُ وهو يسقي بذرة المعرفة التي زرعها بعقول طلابه؛ فهو يفني المعلم نفسه ويبذل قصارى جهده وهو يتعلّم ويسخى على من يعلمهم بالعلم الذي كسبه من سهر الليالي بطولها ، وهو ينهل من بحور العلم وقراءة الكتب والتحضير لدروسه التي سيلقيها في نهار يومه.
فالمعلم هو صمام أمان الأمة ، فبالعلم يضمحل الجهل ويقضى على كل ما يشوب الأمة من فتن كبيرة وشبهات عظيمة قد تطيح بالأمة بسبب الجهل فتمزقها وتشتتها ، فالفتن إذا وقعت لا يرى الحق من الباطل فيها ، لذا فإن المعلم هو صمام أمان الأمة وأساس تطور المجتمع ونهضته وتطوره. فالمعلم هو الذي علّم الطبيب الذي يداوي آلامنا، وعلّم المهندس الذي بنا بيوتاً تأوينا من حر الصيفِ وبَرد الشتاء ، هو السببُ في كلِّ سبل السعادة والرخاء التي أضفت لحياتنا رونقاً وحاجات أساسية لم نعد نستطيع الاستغناء عنها.
أيها الطلبة رسالتي إليكم ...
إنّ احترامكم لمعلمكم أمر واجب فهو الذي يفني نفسه من أجل تعليمكم وإرشادكم لما هو نجاة لكم ، فيعلمكم الأدب قبل العلم لكي ترتقوا بين الناس، وإن هذا الاحترام يجب أن يكون نابعاً من القلب لا تكلف فيه ولا تصنع لأنه سرعان ما يظهر ذلك لمعلمكم ، فهو الذي غرس فيكم الأدب ليثمر ثمار العلم فيكم. إنّ شكر المعلم والامتنان له من واجبكم نحوه؛ فقد ضحى بعمره وآثرها على نفسه لكم، يوصلكم إلى شاطئ الأمان في بحرٍ تلاطم فيه أمواج الظلام حاملة في طياتها فن الشبهات والشهوات وهو الذي قدم الغالي والنفيس دون تقصير من أجل بناء نواة المجتمع فلا يتهاون أو يتوان في تعليم الناس الخير وتحذيرهم من الشر.
أيها الآباء والمؤسسات التعليمية رسالتي إليكم ...
يجب عليكم بذل سبل التعاون مع المعلم فيما يصب في مصلحة الأبناء . حيث تتعرفوا من خلال المعلم على نقاط الضعف لأبنائكم ليركز عليها ويقوّمها وتستطيعوا معرفة أخبار أبنائكم بالعملية التعليمية التعلمية أولاً بأول؛ لكي يقوم بتدارك الخطر منذ بدايته فيسهل التعامل معهم. كما ويلقى على عاتق المؤسسات التعليمية الأهمية الكبير في حماية حقوق المعلم والحفاظ عليها فيجب عليه الوقوف في وجه من يحاول تشتيت الناس وتشويش أفكارهم من خلال القدح والكذب الذي يتعرض له المعلم أثناء مسيرته التعليمية التعلمية. كما ويجب على المؤسسات التعليمية إيلاء الأهمية القصوى للمعلم فتكريم المعلم في المحافل التعليمية والمهرجانات الثقافية يرفع من كفاء التعليم ومخرجاته فيبني المجتمع المتفاهم والمتعاون الذي ينهض بالعلم ويتطور بالمعرفة ويتهذب بالأخلاق الحسنة. ودليل ذلك ما تفضلت به مولاتي صاحبة الجلالة الملكة رانيا العبدالله المعظمة بإطلاق جائزة المعلم المتميز أولى الجوائز التي تندرج تحت المظلة الكبرى لجمعية جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي ؛ لتكريم المعلم على جهوده المباركة وعطاءه النبيل ، والعمل معه يدًا بيد من أجل إنشاء أجيال واعية حاملة لرسالة العلم التي تقود مسيرة التطور والنمو، لمستقبل مشرق ومميز . وجاءت هذه ( الجائزة ) إيمانًا بأهمية المعلم في العملية التربوية ، وفي ترسيخ مبادىء التميز والإبداع، بالإضافة لقدرته على التأثير إيجابيًا في طريقة تفكير الأجيال؛ لتخريج طلبة منتجين ومفكرين ومنتمين لمجتمعهم.
أيها المعلمون ... تحية لكم : أتمنى أن تكونوا على يقين بأن ثقل أكتافكم بما تحملُ من مسؤولياتٍ جليلةٍ ، تغرسُ أقدامكم في أرض الأردن الحبيب أعمق ، لتصبحوا جزءًا من هويتها، تتغذى وتتعالى بها ومعها الأجيال القادمة. فأنتم قادة في مجتمعنا الأردني ، تتلمسون حاجات طلابكم، وتطلقون همتكم خارج حدود صفوفكم ومدارسكم ، لتجدوا ما يضيف لأبنائكم الطلبة من راحة أو صحة أو أمن واستقرار. أيها المعلمون : يجب علينا جميعًا أن نتشارك في تطوير التعليم في الأردن، والتطوير يعني أن نستبدل أساليب الأمس بما يتناسب مع متطلبات الغد. فشكرًا على تعليمكم وإدارتكم للمدارس وعطائكم للمجتمع بتميز ، بارك الله فيكم وبأياديكم الممدودة وضميركم الصاحي وهمتكم العالية ويعطيكم العافية . وهنيئاً لكم هذا الدور وهذه الرسالة السامية يا صانعو الرجال وقادة الأجيال ؛ فأنتم أيها المعلمون ... سندياناتُ الأردن.
وكل عام وأنتم بألف خير.
*مدير مدرسة المهلب بن أبي صفرة الأساسية للبنين.
*سفير جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي.