نقص «المياه» فادح .. ماذا تنتظرون؟!
سمير الحباشنة
05-10-2021 04:30 PM
خلال هذا الصيف تنقلت بين مناطق عديدة في البلاد.. وشاهدت وسمعت، كيف أن مواطنينا يلهثون بصعوبة وراء تأمين مياه الشرب.. وقد حدثني البعض أن أسراً كثيرة قننت الاستحمام وحدتْ من تنظيف المنازل.. فالماء أصبح ندرة، وما يتوافر منه هو لغايات الشرب والطهي.. ليس إلا..!
في لقاءات جمعتني مؤخراً بنُخب ومثقفين، للحديث حول الإصلاح السياسي.. حيث تحول الحديث نحو شح المياه، الذي أصبح معضلة تعاني منها الأسر الأردنية في أغلب المناطق، حتى أن أحياء وبلدات وقرى لا تصلها المياه لأكثر من شهر..! بل ومن تجربة شخصية فإن منزلنا في الكرك.. لم تصله المياه منذ أكثر من شهرين..!
***
وما يزيد الأمر مرارة، ذلك الاستغلال البشع الذي يتعرض له المواطنون، من بعض تجار المياه «ملاك الآبار والصهاريج»، حيث يستغلون حاجة الناس الملحة للمياه، فيرفعون الأثمان لمستويات غير منطقية، تفرض على المواطن أن يخصص جزءاً كبيراً من دخله لتأمين مياه الشرب..!! ناهيك عن انتظار الدور الذي قد يمتد إلى أسبوع، كما يحدث في الكثير من المحافظات. نظراً لقلة عدد الصهاريج التي تنقل المياه من آبار حتى أنها وفي أحيان كثيرة غير صالحة للشرب..!
***
وعليه فإن السؤال الذي يفرض نفسه والموجه إلى الحكومة.. ماذا تنتظرون..؟ أمام هذه المعضلة التي يعاني منها كل المواطنين وفي كل المناطق وبلا استثناء..!؟
والحل الذي أقترحه عليكم:
أولاً: تذكروا قول رسولنا الكريم «الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار».
وعليه كيف يسمح لشخص مجرد أن حصل على رخصة حفر بئر ماء لغايات الزراعة، أن يصبح تاجر مياه!. يبيع المواطنين «ثروة البلد».. فكل ما هو في باطن الأرض هو ملكية عامة..
والقول الحق.. ان تُبادر الحكومة فوراً، لمعرفة كمية المياه التي يحتاجها مُلاك آبار المياه لري مزارعهم، وما يفيض عن ذلك فهو ملكية عامة، وعلى الجهات المعنية أن تبدأ بوضع يدها على هذا الفائض، وتقوم بتوزيعه على المواطنين في مواسم شح المياه بسعر كلفة النقل فقط، ووفق ترتيب يتسم بالعدالة.
ثانياً: تقول مؤشرات الأنواء الجوية طويلة المدى، إن الموسم المطري القادم سوف يكون بمعدلات شبيهة الموسم السابق، أي نقص حاد في معدلات الهطل المطري..
وعليه ماذا لو أخذت الحكومة باقتراح خبير المياه د. الياس سلامة، وقامت بإنشاء محطة تحلية للمياه في العقبة على الطاقة الشمسية، لإنتاج 50 مليون م3، التي تُمثل حاجة مدينة العقبة وما حولها.. بحيث تقوم بتحويل ما يُضخ الآن إلى مدينة العقبة من مياه الديسي إلى الناقل الوطني لتلبية احتياجات مناطق المملكة الأخرى..
وهو مشروع لا يحتاج إلى وقت طويل، وكلفته المالية أقل من الثمن الذي دفعناه هذا العام لشراء «50 مليون/ م3» من المياه. وأرجو ألا نتذرع بنقص المال، فهذه الأولوية تقتضي أن نقوم بمناقلات مالية داخل بنود الموازنة.. ولنتذكر أن جزءاً ليس بالهين مما هو مخصص للنفقات الرأسمالية من ميزانية الدولة.. لا يُنفق بالعادة. وهو ما يسهل إجراء تلك المناقلة المالية لهذه الغاية الضرورية.
ثالثاً: لا أرى أي وجاهة مثلي مثل غيري، من أبناء مناطق الجنوب، من أن يمر الناقل الوطني القادم من الديسي عبر محافظات الجنوب (معان، الطفيلة، الكرك) دون أن يخصص جزءٌ من تلك المياه لتغطية احتياجات تلك المحافظات.. أوليس لتلك المحافظات حق في ذلك؟!
يقال إن بعض الأهالي قد راجعوا وزارة المياه لهذا الموضوع، وكانت الأجابة.. لا إجابة!
رابعاً: إن التقارب الأخوي ولقاء الإرادات والمصالح بين الأردن وسوريا، لا بد أن يكون على رأس أجنداته إعادة الحياة لاتفاقيات سد الوحدة. على قاعدة تزويد الأردن بالمياه وتزويد سوريا الشقيقة بالكهرباء.
وبعد.. نأمل من حكومة البلاد أن تفكر خارج الرتابة المعهودة، وأن تبادر إلى حلول من شأنها التعامل بجدية مع موضوع المياه وخطر تفاقم المشكلة.
والله والوطن من وراء القصد
الرأي