"إيران" و"إسرائيل" وجهان لعملة واحدة
شرين الصغير
02-10-2021 06:52 PM
"دعونا نتفق فقط مع حقيقة أن الشيء الصحيح الذي يجب فعله هو أخذ إيران في الاتجاه الذي نريده إلى جانب الدبلوماسية، في محاولة للتوصل إلى اتفاق أفضل"، كلمة قالها رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي تمير هايمان، في مقابلة مع موقع "والا" الإسرائيلي.
استوقفتني هذه العبارة مطولا، هل ما يجول في خاطري صحيح؟ وهل ستحول إيران أسلحتها النووية إلى ماتصبو إليه إسرائيل؟.
وبالرجوع إلى تاريخ العلاقات العربية الإيرانية، لوجدناها علاقات موسومة بالمصالح فأينما وجدت المصلحة كانت العلاقات مستقرة نوعاً ما، فهذا ليس بغريب فكل دولة تبحث عن مصالحها الشخصية.
ولكن ما الذي يوتر على العلاقات مع إيران؟؟
ألخصها بثلاثة عوامل منها:
الإسلام
النفط
دولة إسرائيل
هذه العوامل جلبت منذ أكثر من نصف قرن إلى اليوم التدخل الخارجي لحماية النفط وحماية أمن اسرائيل. وفي الوقت نفسه لمنع وحدة الشعوب، ومنعهم من امتلاك مصادر القوة المختلفة العلمية والتكنولوجية والعسكرية.
في حين تسبب النفط في تفاوت هائل في التنمية وفي الرفاه بين الدول. وتحولت حماية النفط إلى حماية للدول والحكومات حيثما وجد هذا النفط.
قدمت إيران بعد انتصار الثورة نموذجا "للإسلام الحيوي الذي يستطيع القيام بالثورة وتغيير الحكومات والأنظمة (بغض النظر عن الجدل حول أطروحة ولاية الفقيه).
فأربك هذا الواقع الجديد الدول العربية التي شعرت بالقلق من هذا النموذج الذي تعاطفت معه شعوبها بقوة.
الإسلام هو أحد أهم ذرائع التدخل الأجنبي والحروب في المنطقة منذ سنوات بحجة الحرب ضد الإرهاب، أما النفط الذي تزداد الحاجة العالمية إليه فيفترض وجودا "أجنبيا دائما" لاستخراجه وحماية تدفقه.
وأمن النفط ليس سوى أمن الخليج حيث تعبر أكثر من خمسين ناقلة نفط يوميا إلى العالم الذي لا يستطيع أن يتخيل أن أحدا غيره (الولايات المتحدة وأوروبا) يمكن أن يتدخل في مستقبل هذا النفط وأمنه.
وهذه كما نعلم نقطة خلاف بين إيران والعرب. إذ تطالب طهران بأن يكون أمن الخليج مشتركا بينها وبين العرب، وليس بين العرب والأجانب (الولايات المتحدة).
وتدعو في الوقت نفسه إلى رحيل هذه القوات عن المنطقة، في حين قد لا يشعر العرب بالاطمئنان إلا بوجود هذه القوات خاصة وأن تجربة سابقة أكدت لهم الحاجة إلى الحماية الخارجية، كما أن المخاوف من إيران القوية تبرر بالنسبة إليهم استمرار هذه الحماية.
الملاحظة الثانية هي في التمييز بين مواقف ورغبات بعض المثقفين العرب قوميين وإسلاميين والذين يبدون في بعض الأحيان أكثر اندفاعا أو أكثر قسوة تجاه إيران من الحكومات العربية نفسها، مما يطرح التساؤل حول ما الذي ينبغي على إيران أخذه بالاعتبار: العلاقة مع شعوب المنطقة وقضاياها أم مع حكوماتها؟ علما بأن الجمع بين الأمرين يكاد يكون جمعا بين نقيضين.
من ذلك على سبيل المثال انتقاد ايران لأنها لم تتدخل في الحرب إلى جانب العراق ضد الولايات المتحدة في حربي 1991 (عاصفة الصحراء بعد احتلال الكويت) وفي عام 2003 (لاسقاط النظام) علما "بأنه لا أحد من الدول العربية كان يريد أو يرغب في مثل هذا التدخل، ولم تكن إيران تريده أيضا".
وكمثال آخر حث إيران على الثبات والمزيد من دعم المقاومة في لبنان وفلسطين وعدم التراجع في هذا المجال. وهذا يخالف ما تريده أيضا معظم الدول العربية، لا بل هو أحد أسباب التوتر بين إيران وبين بعض الدول العربية.
الملاحظة الثالثة أننا لا نستطيع الاختزال والتعميم بالقول إن علاقات إيران مع العرب هي علاقات جيدة أو سيئة. فهذا غير صحيح، لأن العرب ليسوا دولة واحدة ولهم سياسات مختلفة مع إيران، بعضها إستراتيجي وثابت، وبعضها متوتر وغير مستقر، إلى العلاقات العادية أو التجارية القوية.
ولا شك أن عوامل عدة ساهمت في هذا المسار المتعرج لعلاقات العرب وإيران، بعضها داخلي والآخر إقليمي ودولي.
ولا يعفي تعدد العوامل وعناصر التأثير من طرح التساؤلات حول مسؤولية كل طرف عن عدم الاستقرار في هذه العلاقات؟ وحول قضايا الخلاف ومعها المخاوف التي يحملها الطرفان تجاه بعضهما؟ وكيف يمكن أن تتحسن هذه العلاقات لتصبح أكثر استقرارا وثباتا بما يحقق المصالح المشتركة ويقلص المخاوف المتبادلة؟