جنحة إفساد الرابطة الزوجية ..
المحامي مهدي محمد الصبيحي
02-10-2021 04:21 PM
بداية وعند الحديث عن جنحة إفساد الرابطة الزوجية فإنه لابد من تقسيمها الى نقاط يسهل فهمها أبدأها بأركان هذه الجريمة:
أولا فعل النشاط الإيجابي (التحريض) الذي يصدر عن المشتكى عليه يحث فيه المرأة سواء أكانت متزوجة ام لا لترك بيتها بإفسادها عن زوجها أو بيت أهلها للحاق برجل غريب ويكون هذا التحريض صادر عن رجل الى امرأة او عن إمراة الى إمراة. ونتيجة لذلك التحريض تترك المرأة بيتها وتلتحق برجل اخر أو تفسد علاقتهما الزوجية اما بحصول مشاكل وحدوث الطلاق وبينهما علاقة السببية أي ان نشاط المشتكى عليه هو ما أدى الى ترك المرأة بيتها أو إفساد علاقتها بزوجها.
ثانيا إستعمال أساليب تحريضية سواء بالترغيب أو الترهيب. والمقصود ان يكون التحريض مثلا واقعا بسبب علاقة او لوجود تهديد واقع على هذه المرأة. فلا تقوم هذه الجريمة لوجود رجل غريب في منزل الزوجية وبموافقة الزوجة طالما لم تقم البينة على صدور التحريض من هذا الرجل, كما انها لا تقوم لوجود رسائل هاتف تعبر عن وجود علاقة لم تصل لمستوى التحريض.
ثالثا: أن يكون الهدف والغاية من إستعمال الأساليب التحريضية إجبار إمرأة على ترك بيتها لتلحق برجل غريب عنها أو إفسادها عن زوجها. والمقصود توافر عنصر العلم والإرادة أي ان الفاعل مريدا للفعل عالما بكونه فعلا مجرما, ولا تتوافر هذه المقاصد لدى المجنون مثلا أو الطفل تحت سن 12 سنه حيث انه معفي من الملاحقة الجزائية (م4ب) من قانون الاحداث (غير المدركين لكنه أفعالهم وأقوالهم), اما الفتى الذي لم يتم 18 سنه فيتم إحالته من قبل المدعي العام الى محكمة الاحداث وهذا ما يسمى قانونا بالقصد الخاص فيجب ان يكون المشتكى عليه عالما بأن ما يقوم به من تحريض معاقب عليه وأن إرادته الحرة المدركة المميزة إتجهت الى إرتكاب هذا النشاط راغبا بحصول إفساد الرابطة الزوجية.
الإفساد لا يقع من المرأة على الرجل:
يستفاد من نص المادة (304/3) من قانون العقوبات أن المشرع وبصريح النص إشترط أن يكون التحريض على امرأة متزوجة أو غير متزوجة ولا يقع هذا التحريض على الرجل فلا يتصور من خلال النص أن يكون هو المجني عليه الذي تم تحريضه وانما المجني عليه الذي تضرر من تحريض شخص غريب لزوجته فهي محل هذه الجريمة، أما المرأة التي تفسد رجلا متزوجا عن زوجته في هذه الجنحة فإن أفعالها لا تستوجب اي مساءلة قانونية. وهو ما تحكم به المحاكم الأردنية في هذا الشق من حيث إعلان عدم مسؤولية المشتكى عليها (الظنينة) حيث لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.
الحكم والمحكمة المختصة:
- تختص أساسا محكمة صلح الجزاء بنظر هذه القضية وتحكم بالإدانة بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر ولا تزيد على سنتين (المادة 3043) من قانون العقوبات في حال ثبوت الفعل على الفاعل أو تحكم بالبراءة في حال عدم قيام الدليل القانوني بحقه أو إعلان عدم المسؤولية كون فعله لا يشكل جرم ولا يستوجب عقوبة حيث نصت الفقرة الأولى من المادة (175) من قانون اصول المحاكمات الجزائية على ((بعد سماع بينة النيابة يجوز للمحكمة ان تقرر عدم وجود قضية ضد الظنين....الى الخ)) وذلك على حسب طبيعة ووقائع كل قضية وظروفها الخاصة.
- تختص محكمة الاحداث (محكمة الصلح بصفتها محكمة احداث) بنظر القضايا المرتكبة من قبل الحدث (كل من لم يتم الثامنة عشرة من عمره) المادة الثانية من قانون الاحداث، وفي حالة الشكوى والادانة تحكم المحكمة بالوضع في دار تأهيل الأحداث للمدة التي تراها مناسبة وفق وقائع القضية.
- وتكون محكمة الجنايات الكبرى هي صاحبة الصلاحية بنظر هذه القضية بحيث "ان المحكمة المختصة للجرائم المتلازمة هي المحكمة صاحبة الصلاحية بنظر الجرم الأشد "((تمييز جزاء 8561999)) وذلك في حال تلازم جريمة جنحة إفساد الرابطة الزوجية مع جريمة أخرى كجناية هتك العرض التي تختص بنظرها قانونيا محكمة الجنايات الكبرى.
التعويض:
اجاز القانون للمتضرر من إفساد الرابطة الزوجية (وهو الرجل في هذه الحالة) ان يطالب بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت به وذلك لدى محكمة صلح الجزاء بلائحة إدعاء بالحق الشخصي او لدى المحاكم الحقوقية (حسب الاختصاص القيمي) وذلك سندا للمواد 256,266,267/1 من القانون المدني والتي تنص على (كل اضرار بالغير يلزم فاعله..الخ) و(يقدر الضمان في جميع الاحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب بشرط ان يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار) و(يتناول حق الضمان الضرر الادبي كذلك..) وذلك بعد ان يتضمن تقرير الخبرة المعتمد قيمة هذا التعويض.