الصداقة تشكل السياسة الخارجية للدول: المملكة الأردنية الهاشمية ودولة قطر
إيمان صفّوري
02-10-2021 11:47 AM
《ان الكلمات والأفعال تعزز بعضها البعض》...
يوجّه الأكويني أفكارنا منذ ثمانية قرون تقريبًا على إمكانية أن تكون هناك صداقة في عالم السياسة، وأن تعيين المصلحة المشتركة كغاية لما هو سياسي، يقودنا للإيمان بأن لقاء الآخر ضرورة حتمية، واللقاء بداية طريق الصداقة حتى في عالم السياسة، فهو وحده الذي يتيح للإنسان أن يتخذ موضعه حقًّا، وبالتمام.
يعرف الأكويني الصداقة السياسية بأنها أرقى أشكال السعادة الأخلاقية، غير أنها لكي تتحقق لا بد من توافر شروط، منها وجود فعلي للسعاة الأخلاقية، ومفادها أن الناس عندما يشعرون بالصداقة، لا يكونون في حاجة إلى العدالة، فهي قائمة في نشيد الصداقة كما يقول عالم الأنثروبولوجيا الفرنسي «روبير مونتاني»، ومنها المواطنة، بمعنى أن الذي يتخلى عن مواطنته لا يمكنه أن يصنف نفسه من الذين يمكنهم أن يكونوا أصدقاء في السياسة. وهو ما أكده أرسطو : بإن الصداقة بين المواطنين هي أحد الشروط الأساسية للرفاه المشترك. وفي القرن الحادي والعشرين لا يمكننا الحديث عن مفهوم الصداقة والسياسة بمنأى عن مفهوم ومعنى العلاقات الدولية.
ومايربط اليوم المملكة الأردنيّة الهاشمية بدولة قطر هو صداقة مميزة قائمة على أساس التعاون و الاحترام المتبادل والثقة. وعلى مر السنين تطورت الرؤى المشتركة إلى شراكات استراتيجية متينة وقوية، عزّزت عمق العلاقة التاريخية. وأدّت الى تأطير العلاقات الدبلوماسية الثنائية، حيث انطلق التمثيل الدبلوماسي بين البلدين سنة ١٩٧٢ على مستوى السفراء.
وكما كان المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه أول زعيم دولة في العالم يزور قطر مهنئا آنذاك سمو "الأمير الوالد" الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بتوليه مقاليد الحكم في قطر، كان صاحب الجلالة الهاشمية المك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظه الله، أول زعيم عربي يزور الدوحة لتهنئة أخية سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بتسميته أميرا لدولة قطر الشقيقة، الأمر الذي يعكس خصوصية وعمق العلاقة الأخوية التي تستند إلى ارث تاريخي عميق بين القيادتين والشعبين الشقيقين. (المصدر: الموقع الإلكتروني لسفارة المملكة الاردنية الهاشمية في دولة قطر)
أعاد الأردن وقطر العلاقات الدبلوماسية الرسمية سنة ٢٠١٩ بعد عامين من خفض العلاقات. الخطوة الدبلوماسية الهامّة التي عكست سمة السياسة الخارجية الأردنية في التوازن بين المصالح المحلية والإقليمية، واالاستجابة للبيئة الإقليمية المتغيرة، نحو السعي لإرساء الاستقرار وتحقيق المصالح الاقتصادية. عدا عن الدافع الوثيق بالأمن القومي. و لاشكّ أنها كانت خطوة ريادية للاتجاهات الإقليمية الأخرى. كما وحاولت الدوحة آنذاك عن إبعاد الأردن عن تبعات تلك الفترة من خلال التعهدات بالمساعدة والاستثمار لبعض الوقت كجزء من استجابة قطر الأوسع للمتغيرات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية.
في الشؤون الدولية، يمثّل التعاون بين البلدين الشقيقين دعامة اساسية في تحقيق التكامل العربي، لاسيّما الشأن الفلسطيني الذي يعدّ سببا في التقاء المواقف، والتقارب القطري الأردني.
تحرص الأردن وقطر على تنمية علاقتهما والروابط المشتركة، حيث شهدت الدوحة وعمان على مرّ السنوات، عددّا من الزيارات الرسمية المتبادلة، وإبرام عدد كبير من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم؛ تضمنتها؛ اتفاقية اللجنة العليا المشتركة الموقعة بين البلدين عام 1995، اتفاقية التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات 2009، اتفاقية إنشاء صندوق استثماري مشترك بين جهاز قطر للاستثمار وحكومة المملكة الأردنية الموقعة في عمّان عام 2009، اتفاقية تنظيم استخدام العمال الأردنيين في دولة قطر1997، اتفاقية التعاون المشترك بين وكالة الأنباء القطرية و نظيرتها الأردنية عام 1990، اتفاقية التعاون الصحي عام 1984، اتفاقية التعاون الثقافي عام 1972،اتفاقية النقل الجوي والخدمات الجوية بين حكومة دولة قطر وحكومة المملكة الأردنية الهاشمية عام 1995، اتفاقية النقل البحري التجاري والموانئ عام 1997، اتفاقية التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات والموقعة في عمّان عام 2009، اتفاقية الازدواج الضريبي عام 2004، مذكرة تفاهم في مجال الشؤون البلدية عام 1996، مذكرة تفاهم للتعاون السياحي عام 2004، مذكرة تفاهم بشأن الاعتراف المتبادل للشهادات عام 2008، برنامج تنفيذي لاتفاقية التعاون في مجال أنشطة التقييس عام 2010، بروتوكول التعاون في مجال الشباب والرياضة عام 1996. (المصدر: الموقع الإلكتروني لسفارة دولة قطر في عمّان المملكة الاردنية الهاشمية).
كما قدمت دولة قطر للاقتصاد الأردني دعم بنصف مليار دولار ومنح عشرة آلاف وظيفة للشباب الأردني سبقها عدد من الوظائف التي وفّرتها للأردنيين، وتشيد دولة قطر بمستوى الكفاءات الأردنية التي يتم استقطابها للعمل.
حديثا تبلغ الاستثمارات القطرية في الاردن ما يقدر 4.5 دولار. تتوزع بين اعمال البورصات والبنوك.
وقطاع العقارات والخدمات السياحية والفنادق والصحة والتعليم وتقنية المعلومات. بالإضافة الى الاستثمارات الصناعية والمشتقات النفطية والطاقة والمحطات الكهربائية.
وبنحو متكامل، يعتبر ذلك أساس لعلاقات راسخة متجددة في مختلف المجالات والقطاعات بين البلدين ويعزّز الرؤى الحكيمة لتوجّهات وسياسات العلاقات الأردنية-القطرية.