يوم عمّاني يحرق الأعصاب، ويشتهي اللامركزية!
باسم سكجها
30-09-2021 11:01 PM
هو يوم عمّاني بامتياز، تنام قبله على أصوات محرّكات السيارات وزواميرها، وتستيقظ غير مرّة على الأصوات نفسها، وتذهب ظُهراً إلى موعدك، فتصل إليه عصراً، فقد اكتشفتَ للتوّ أنّ الشوارع والإشارات الضوئية تغّيرت، مع أنّك غادرتها قبل أقلّ من شهر…
تُحاول التهرّب من الطرق الرئيسية، فتذهب إلى الفرعية، باعتبارك عمّانياً أصيلاً، لتكتشف أنّ الخلّ أخ الخردل، فالشوارع كلّها مكتظّة، ويفاجئك عند تقاطع ما أنّ هناك حادث سير بين باص سريع، وسيارة تجاوزت إشارة ضوئية، فتجد حطامها مرمياً على أطراف الشارع، وتتمنى أن يكون الله سلّم، وبدون أرواح ضائعة…
تعود لاختيار طريق آخر مناسب، ولكنّك تواجه المعضلة نفسها، فأنت أمام سيل من السيارات المتناحرة، المتسابقة على أفضل المسارات في طريق واحد، ولا بدّ أنّك ستسمع إلى الكثير من الشتائم المتبادلة بين الناس، وإشارات من الأصابع لا تخفى على القارئ اللبيب الذي يوم من الإشارة.
سيول السيارات ذاهبة إلى الشَمال، حيث الطريق الذاهبة إلى المدن والقُرى هناك، وهي متوجهة إلى الشرق حيث الزرقاء والمفرق، وإلى الجنوب حيث صارت طريق المطار كما سبحة يحملها عجوز، أمّا الذهاب إلى الغرب فهو يتحدّث عن نفسه!
عمّان باتت قاتلة للأعصاب، فهي العاصمة التي لم تهيئ نفسها لأن تكون عاصمة، وبات ضرورياً لها أن ترتاح، بأن يكون لدينا عواصم متعددة، بحيث لا يأتي إليها إلاّ الزائر، وبصراحة فليس في عمّان شيئ أجمل من غيرها، سوى الخدمات المركزية، وسوء الخدمات، والكثير من البشر الذين يهبطون عليها إضطرارياً…
اللامركزية هي الحلّ التاريخي للبلاد والعباد، ليس من أجل عمّان التي نحبّها من بعيد، ولكن من أجل الأردنيين المضطرين إلى الذهاب إليها، والعودة منها، يومياً، ليس من أجل التغنّي بجمالها، ومدرجها الروماني، وقلعتها، وجبالها، بل لسبب اضطرارهم لذلك…
عمّان تقتل أعصاب كل الأردنيين، والغريب والمريب أنّ كل الحكومات تعرف ذلك، ولكنّّها تصرّ على مركزية باتت مؤذية للجميع، ولا تحرّك ساكناً، لتظلّ المدينة التي كانت وادعة تتمدّد في حرق أعصاب الجميع، وللحديث بقية!