المسار الذي تبناه الاردن تجاه الدولة السورية خلال الشهور الماضية يثير غضب البعض في الإقليم ممن هم من اعداء النظام السوري او جهات ودول عملت عبر سنوات الحرب السورية على تغيير النظام السوري واسقاط الدولة السورية لكنها لم تنجح.
هذه الجهات المختلفة من دول وغيرها دخلت الحرب ضد النظام السوري بكل ما لديها من قوة واضيف اليها تنظيمات متطرفة مثل داعش، لكن ماجرى ان الدمار لحق بسوريا بكل المجالات وتم تهجير او هجرة ملايين السوريين لكن النظام لم يسقط ،ومنذ البداية كان الاردن يخشى من تقسيم سوريا او سيطرة قوى التطرف عليها او دخولها في الفوضى الكاملة لان هذا لو حدث لكنا من اول من يدفع الثمن .
في السنوات الاولى للحرب لم يكن الموقف الاردني مرضيا لا للنظام والمعارضة لان كل طرف كان يريده منحازا بالكامل له ،لكن الاردن كان يبحث عن مصالحه وامنه ويريد ان تبقى سوريا موحدة وكان يرفع شعار الحل السياسي لان الفوضى في سوريا كانت كارثة علينا .
الاردن استقبل معارضين لكنه لم يجندهم لصناعة ميليشيا تعمل بامره، وكان ينسق مع بعض القوى الاجتماعية والعسكرية في معركته ضد نشاط داعش و لحماية امنه .
اليوم مازال الاردن في ذات المعادلة ،لكن الواقع صنع معادلة جديدة وهي النظام انتصر عسكريا على معارضيه ،وانه صمد سياسيا وعسكريا باستثناء شمال سوريا حيث تركيا وادلب ومعادلة معقدة ،وفي ظل هذا الوضع لايمكن للاردن الا ان يبحث عن مصالحه والتي منها وجود دولة سورية وجيش سوريا على حدوده مع فتح كل انواع العلاقات الاقتصادية والخدمات والمياه والطاقة والنقل ...فكلا البلدين له مصالح يسعى لها .
فتح الطريق نحو دمشق في هذه المرحلة مهم جدا لسوريا التي تعاني من وضع اقتصادي صعب ،وايضا تحتاج الى فك عزلتها العربية والدولية، وسوريا بالنسبة للاردن خيار عربي وخيار لتحقيق مصالحه ،فالاردن ليس من صنع الحرب هناك ،بل تضرر منها ،والاردن كان ومازال يريد دولة قوية على حدوده لتحقيق الامن السياسي والاقتصادي على الحدود ،وسوريا دولة عربية ومن الطبيعي ان نكون الاقرب اليه، اما اسقاط النظام فلم يكن يوما أجندة اردنية ،ومن كانوا يريدون هذا فشلوا ،وليس مطلوبا من الاردن الا البحث عن مصالحه وتحقيق رؤيته السياسية .
مافعله الاردن انه قرأ الواقع جيدا واتخذ القرار المناسب وعلى كل طرف معني بالازمة السورية ان يفعل هذا، فعشر سنوات كافية لتكون تجربة تستحق المراجعة .