" خلف مكانك سر " : من الرفاعي (88) الى الرفاعي( 2010)
سهير جرادات
27-06-2010 02:50 PM
" خلف " : مواطن أردني يحمل مؤهلا متوسطا ويمتلك سيارة "على الدفشة" ، ولكنه لا يمتلك كغيره، منزلا خاصا به ، "الملك لله وحده" ، دخل الخدمة الوظيفية في الحكومة ، العام 1988 ، وأحيل إلى التقاعد في العام 2010 " لسه إحنا فيه " بعد خدمة "احسبوها " ، 21 عاما ظل خلالها مخلصا لوظيفته بكل تفان .
إلى هنا الموضوع عادي جدا ... مواطن بدأ حياته العملية في وظيفة انتهت بإحالته إلى التقاعد ، أذن ما المشكلة :المضحك في الأمر، وما هو غير عادي ؛ انه لا يوجد مشكلة سوى أن أول راتب تقاضاه " خلف " كان 300 دولار أميركي ، والمصادفة العجيبة أن قيمة راتبه التقاعدي هو 300 دولار أميركي .
لا، لا أنا لم أخطئ ، 300 دولار" أميركي"، لم تتغير على مدى السنوات الطوال من عمر خلف الوظيفي ، صحيح أن " خلف " أردني أبا عن جد ،و "أم خلف " هي أيضا أردنية ، أبا عن جد ، وولد " خلف " في الأردن ولم يخرج منها قط ، رغم انه منتظم في دفع عشرين دينارا ثمنا لتجديد جواز سفره كل خمس سنوات ، و لم يعمل قط خارج الأردن وجميع سنوات خدمته في القطاع العام ،ألا أن ما تقاضاه "خلف " من راتب تقاعدي هو نفس قيمة راتبه الذي بدأ به قبل 21 عاما " ....لم يتغير ظل ثابتا ، قيمته 300 دولار أميركي
نعم بحسبة بسيطة ، مع الانتباه الشديد للتواريخ نلاحظ أن " خلف " كان يتقاضى عام 1988 راتبا شهريا مقداره 100 دينار أردني ، الذي كان يعادل 300 دولار أميركي ، قبل أن تأتي حكومة زيد الرفاعي " الأب " وتتخذ قرارا برفع أسعار المحروقات وسلع أساسية أخرى ، وقتها هاج وماج الشارع الأردني الذي لم يستوعب غلاء الأسعار، وانهيار الدينار الأردني وفقدان أكثر من 50 بالمائة من قيمته مقابل الدولار، بسبب التزام الحكومة ببرنامج للتصحيح الاقتصادي الذي فرضه صندوق النقد الدولي كشرط لجدولة الديون الخارجية.
هذا البرنامج تطلب شد الأحزمة على البطون، وتقليص الإنفاق العام وكان بداية لمسلسل رفع الدعم عن مواد أساسية عديدة.
كان حظ " خلف " كالكثير من الأردنيين "عاثرا"، فتزامن تقاعده مع إعلان حكومة سمير الرفاعي " الابن " عن برنامج إصلاح اقتصادي واجتماعي لتخفيض العجز والدين، بفرض ضريبة خاصة على البنزين وإلغاء إعفاء سلع غذائية من رسوم الجمارك والضرائب ، يا لتلك المصادفة العجيبة من هذه التركة التي حملها خلف !!!.
رفضت جهات شعبية وشبابية ونقابية عديدة فرض ضرائب جديدة على المحروقات والقهوة والمكالمات الهاتفية والسجائر ورفع أسعار المياه تحت أي مبررات ولو كانت مبررات لتغطية عجز الموازنة الكبير الذي ظل تركة ثقيلة على المواطن الغلبان يحملها معه على مر السنوات .
نلخص حياة "خلف " العملية "بـ :
اولا : بدأت بحكومة الرفاعي (الاب) وانتهت بحكومة الرفاعي ( الابن ).
ثانيا : بدأت عام 1988 بفرض الرفاعي " الاب " ضرائب على المحروقات.
ثالثا : انتهت عام 2010 بفرض الرفاعي " الابن " ضرائب على المحروقات.
رابعا :بدأت وسعر صرف الدينار يساوي ثلاثة دولارات امريكية .
خامسا : انتهت بأنخفاض سعر صرف الدينار الى النصف ، حيث يصل سعر صرف الدينار الى دولار واحد ونصف الدولار.
سادسا : راتب " خلف " عام 1988 كان مائة دينار اردني يعادل 300 دولار اميريكي.
سابعا :تقاعد" خلف " عام 2010 عبارة عن 210 دنانير اردنية تعادل 300 دولار أميريكي فقط .
ثامنا :بدا حياته العملية ، والحكومة تحاول سداد الديون الخارجية.
تاسعا : أنتهت حياته العملية ، والحكومة ما زالت تحاول تغطية عجز الموازنة الكبير.
عاشرا : بدأت حياته العملية ، والحكومة تمارس سياسة ضبط الانفاق و" شد الاحزمة على
البطون " .
قبل الاخير : انتهت حياته العملية ،والحكومة مازالت تحاول ضبط الإنفاق و" شد الأحزمة
على البطون " .
أخيرا : "خلف " بدأ وأنتهى بنفس الراتب ، "كأنك يا أبو زيد ما غزيت "،ويا أيها المواطن الأردني "مكانك سر" .
ملاحظة مهمة : " خلف " يمثل جميع الأردنيين الذين عاصروا فترة الرفاعي 1988- وحتى فترة 2010.
" خلف " : ككل الأردنيين ، يتمنى لأبنائه وأحفاده أن يتقبلوا بروح معنوية عالية فرض الضرائب الجديدة على المحروقات التي سيجربها الرفاعي " الحفيد".
مع تحيات الجمعية الأردنية " مع إلى الأبد ، وحتى آخر رفعه ورفاعي .
..والى لقاء مع جزء جديد للمسلسل الدرامي " ايام الرفاعي4 "
Jaradat63@yahoo.com