من جديد .. الهاشميون سادوا بالتسامح
شحاده أبو بقر
28-09-2021 02:41 PM
للمرة الثانية أكتب تحت هذا العنوان وعن قناعة تامة تحمل كل مبرراتها المنطقية التي تتوفر على حكمة بالغة.
منذ فجرهم في مكة المكرمة كان "الهاشميون" عشيرة محمد صلى الله عليه وسلم, سادة في "قريش"، لهم مكانتهم وإحترامهم بين القبيلة كلها، بما توفروا عليه من قيم الزعامة والريادة وتقدم صفوف قبيلة قريش أشهر قبائل العرب، وأولها وأهمها قيمة "التسامح والعفو والصفح".
وهي قيمة يقول علم الإجتماع المعاصر أنها من أنبل وأهم القيم التي تستميل وتستقطب قلوب الكافة مؤيدين ومعارضين وحتى مخاصمين، عندما يقفون أمام حقيقة أن الخصم كبير حتى في مخاصمته، فارس في خلقه ومواقفه يترفع عن الصغائر يصفح ويعفو ببعد نظر.
كل فصول التاريخ ومحطاته عالميا وإنسانيا، تحمل في ثناياها حقيقة أن التسامح قوة وليس ضعفا أبدا، ولا يتسامح ويصفح ويعفو إلا من كان قويا، ولذلك قالوا وأكدوا أن "العفو عند المقدرة".
محمد صلوات الله وسلامه عليه وهو قدوتنا وخير الأنام إلى يوم الدين، سأل قريشا عند فتح مكة وهم من أذاقوه شتى صنوف العنت والظلم والعذاب لسنوات طوال.. ماذا تظنون أني فاعل بكم؟، قالوا أخ كريم وإبن أخ كريم، فقال قولته المشهورة "إذهبوا فأنتم الطلقاء"، بعد أن توهموا منه الإنتقام والتنكيل جراء ما إقترفوا بحقه وحق دعوته الشريفة المشرفة!.
وبتوالي العقود ظل التسامح عنوانا ثابتا في سيرة الهاشميين الكرام فزادهم قوة فوق قوة، وإلتفت حولهم الناس حبا وتقديرا وإحتراما، لا بل وإفتدتهم بالأرواح صدقا لا تزلفا ولا رياء ولا إدعاء قط.
نعم تعرض الهاشميون رواد وحدة الأمة وقادتها للظلم والجحود، وإرتقى منهم ملوك شهداء وآخرون للنفي ولمؤامرات كثيرة، لكنهم صفحوا وتسامحوا، لا بل وإستمالوا قلوب من جيشوا ضدهم، وولوهم أرفع المناصب في المملكة الأردنية الهاشمية، فصاروا من أكثر الناس إخلاصا للوطن وللعرش بعد خصام ومعارضة.
نعم وألف نعم، الهاشميون الكرام سادوا في الأمة وفي أوطانهم بقوة التسامح والعفو عند المقدرة وليس بأي سبيل آخر، ولذلك وصفوا بالتسامح وبالبعد التام عن أساليب الأنظمة الدموية والقمعية، ومن هنا ما زالت الناس تقدر عاليا فيهم هذه السجية التي تنم عن خلق كبير وبعد نظر وحكمة فيها السلامة وللجميع معا.
وأختم بأعظم الكلام وخير الكلام في قوله تعالى عز من قائل "فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب لأنفضوا من حولك، فاعف عنهم، وإستغفر لهم، وشاورهم في الأمر، فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين" صدق الله العظيم، وهو جل جلاله من وراء قصدي.