فرنسا من الكاردينال راشليو إلى الرئيس ساركوزي
مفرِّح الطراونة
24-06-2007 03:00 AM
تولَّى الكاردينال "آرمان جان دبليسيس راشليو" منصب الوزير الأول في فرنسا ( 1624-1642 ) في عهد ملكها الكاثوليكي لويس الثالث عشر وأثّر في تاريخ فرنسا أبلغ الأثر ومع أنه كان رئيساً للكنيسة الكاثوليكية إلا أنه قدَّم المصلحة الوطنية الفرنسية على أية أهداف دينية وأعتُبِرَ مؤسساً لنظام الدولة الحديث ووفقاً لمعايير العصر الحالي يُعتبر "راشليو" من الشخصيات النموذجية بمعيار تحقيق الأهداف .
فهو الذي أرسى مفهوم "مصلحة الدولة" أو ما يسمى اليوم "مصلحة الأمن القومي" هذه القاعدة التي تكْمُنُ فيها قوة وفعالية ونفوذ السياسة الفرنسية في السياسة الدولية منذ القرن السابع عشر حتى اليوم.
فعندما إشتعلت حرب "الثلاثين عاماً " الشرسه في أوروبا عمل هذا الكاردينال – ولمصلحة فرنسا - على إطالة أمد الحرب حتى تجتاح أوروبا بأكملها وتُحيلها خراباً .
فأثار الخلافات وأشعل معظم الصراعات الهائلة بين جيران فرنسا واستغل إنشقاق الكنيسة العالمية فتحالف مع أمراء ألمانيا البرتستانت ضد الإمبراطورية الرومانية المقدسة وحال دون قيام قوة عظمى على حدود فرنسا وأَخََّر توحيد ألمانيا نحو قرنين من الزمن.
والخلاصة أن هذا الكاردينال أورث ملوك فرنسا دولة قوية في قلب أوروبا الضعيفة .
ومن هذا الإرث التاريخي الثقيل المُحمَّل بشحنة قوية من الإعتزاز بالوطنية الفرنسية أنجبت فرنسا قادَتها العظام على مر القرون وصولاً للمعاصرين منهم كالجنرال "ديغول " وتلميذه "جاك شيراك" الذي خلَّف "لساركوزي" مكانةً عالميةً مرموقة لفرنسا وخاصة في الوطن العربي بسبب مواقفه من القضايا العربية العادلة وأبرزها قيادته لموقف دولي تاريخي معارض للحرب الأمريكية البريطانية على العراق عام 2003.
ولأننا تعودنا الإطمئنان لمواقف المدرسة " الديغولية " منذ عقود فإن التخوف العربي من أي جديد هو تخوفٌ مشروع بسبب بعض التصريحات المنسوبة للرئيس الجديد أثناء حملته الإنتخابية .