عن ذوي الإعاقة وتحديث المنظومة السياسية
زيد فهيم العطاري
27-09-2021 03:54 PM
في ظل التوجيهات الملكية لإصلاح المنظومة السياسية بهدف تعزيز ورفع المشاركة السياسية وتطوير العملية الانتخابية لتحقيق التمثيل الأفضل لشرائح المجتمع المختلفة، أصبح الاستثمار في هذه المرحلة ضرورة لتمكين ذوي الإعاقة سياسياً وفرصة تعزيز مشاركتهم في العملية الانتخابية عبر الترشح والتصويت، ليكونوا قادرين على الانخراط في وضع السياسات العامة وصنع القرار الإداري والتنموي في مجالات الإدارة المحلية ومن خلال العمل النيابي.
ففي ظل تنامي العزوف عن المشاركة في الانتخابات لدى المواطنين والمواطنات بالعموم، تتراجع مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة لأسباب عدة، فرغم تشكيلهم لنحو 13% من مجموع عدد السكان وفق دراسةٍ أعدها المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بالتعاون مع دائرة الإحصاءات العامة إلا أن التشريعات والإجراءات لا زالت قاصرة في رفع نسبة هذه المشاركة وإزالة العوائق لتحقيق المشاركة العادلة.
صادق الأردن في العام 2008 على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبالتالي أصبح مُلزماً بتطبيق ما جاء فيها بصورةٍ عملية، وتنص المادة (29) من الاتفاقية والمتعلقة بالمشاركة بالحياة السياسية في بندها الأول على كفالة مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة بصورة فعّالة وكاملة في الحياة السياسية والعامة على قدم المساواة مع الآخرين، إما مباشرة وإما عن طريق ممثلين يختارونهم بحرية، بما في ذلك كفالة الحق والفرصة للأشخاص ذوي الإعاقة كي يصوتوا ويُنتَخبوا.
على أرض الواقع فإن ضمان الحقوق السياسية ورفع مستوى المشاركة السياسية والانتخابية لذوي الإعاقة، وتطبيق القوانين والوفاء بالالتزامات التي يفرضها الانضمام للاتفاقيات الدولية، يتطلب مزيداً من الإجراءات والجهود التوعوية، فقد أظهرت انتخابات مجلس االنواب التاسع عشر ضعف الوعي بأهمية الحقوق السياسية للأشخاص ذوي الإعاقة وأهمية مشاركتهم السياسية، فعلى صعيد الترشح خاض خمسة من ذوي الإعاقة سباق الترشح للمجلس التاسع عشر من أصل 1674 مرشحاً ومرشحة وفقاً لتقرير المركز الوطني لحقوق الانسان ويعكس هذا الرقم الذي يتسم بضآلته ضعف الوعي بأهمية المشاركة الانتخابية لذوي الإعاقة.
بدوره نص قانون حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة لسنة 2017 في المادة (44) على عدم جواز حرمان أو تقييد حق ذوي الإعاقة في الترشح والاقتراع في الانتخابات، وإلزام الهيئة المستقلة للانتخاب بضمان ممارسة ذوي الإعاقة لحقهم الانتخابي بسرية واستقلالية، وعدم حرمان ذوي الإعاقة من حقهم في الانضمام للأحزاب والنقابات أو تقييده.
ملاحظات عديدة أشار إليها عدد من ذوي الإعاقة وخاصة الإعاقات الحركية تتمثل بعدم جاهزية مراكز الاقتراع والفرز لاستقبالهم، مما حال دون تمكنهم من ممارسة حقهم في الاقتراع، حيث أن صناديق الاقتراع كانت في الطوابق العلوية، وبهذا الصدد، أفاد تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان بأن 65% من مراكز الاقتراع التي تمت مراقبتها، لم تكن مجهزة بما يلزم لقيام ذوي الإعاقة بالاقتراع.
مجتمعيا لا زال هنالك العديد من التحديات التي يواجهها الأشخاص من ذوي الإعاقة حيث تم تسجيل حالات تنمر على مرشحة من ذوات الإعاقة، ومنع لإحدى المراقبات للانتخابات من ذوات الإعاقة السمعية من ممارسة عملها داخل مركز الاقتراع، وفق ما أشار إليه تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان، ما يشي بضعف الوعي لدى فئات من المجتمع بأهمية إدماج ذوي الإعاقة، وبعدم قيام بعض الجهات المعنية بمسؤوليتها في تمكين ذوي الإعاقة من المشاركة في الحياة السياسية والاستحقاقات الانتخابية.
إن نشر الوعي وإتخاذ الخطوات العملية لرفع مستوى المشاركة السياسية لذوي الإعاقة يستدعي تفاعلاً أكبر مع مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وتوسيع نطاق الحوارات واللقاءات مع الجهات الحكومة وغير الحكومية واللجان النيابية ذات العلاقة والتي ستناقش في الفترة القادمة مشروعي قانوني الانتخاب والأحزاب اللذان يمثلان نتاج جهود اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية والضغط لتضمين ما يرفع من مستوى مشاركة ذوي الإعاقة في الانتخابات والحياة السياسية، والعمل مع الهيئة المستقلة للانتخاب لتوفير قاعدة بيانات خاصة بأماكن تواجد ذوي الإعاقة لتوفير الأشكال الميسرة من تحويلٍ للمعلومات والبيانات إلى لغة برايل أو طباعتها بحروفٍ كبيرة وترجمتها بلغة الإشارة، وإتخاذ الترتيبات التيسيرية اللازمة لضمان وصولهم ومشاركتهم في سائر الاستحقاقات الانتخابية القادمة.