لم نكن يوما الا ونكن فيه الاجلال والتقدير والتبجيل للمتعلمين ومن علمهم ومن له فضل عليهم من الجنود المجهولين الذين حملوا راية العطاء واخلصوا في أدائهم وعطائهم لتخريج أجيال متعلمة واعية لديها القدرة على النهوض بالوطن ووضعه في المكان الذي يستحق.
وقد كان المتعلمون بما يحملونه من شهادات علمية وقدرات فعلية وخبرات فنية وإدارية قادرين على العمل المنظم والمنتج والفعال وحققوا النجاح في جميع الميادين التي عملوا فيها واسسوا لمرحلة جديدة من التقدم والرقي.
ولكن ما يؤسف عليه تراجع مستوى التعليم إلى الحضيض بفعل السياسات التعليمية والتلاعب في المناهج وأساليب التدريس والتدريب والوصول إلى مرحلة أصبح فيها المعلمون واساتذة الجامعات بحاجة إلى من يعلمهم ويوجههم ويضع حدا لترهلهم وما رافق ذلك من تسهيلات في الحصول على الشهادات العلمية وخاصة في مجال التعليم العالي الذي أصبح هدفا لمن لا يستحق في أن يلتحق ببرامج هذا التعليم.
فقد كثر الباحثون عن الالقاب العلمية دون تأهيل واستحقاق لهذه الالقاب كي تكون لهم غطاء اجتماعيا وسندا في الحصول على الوظائف القيادية ولجأوا إلى الوساطات والرشاوى لمنحهم فرص النجاح دون وجه حق.
نحن مجتمع متناقض مع نفسه فتجد كل واحد فينا حين يريد المعالجة الصحية او إجراء عملية جراحية يبحث عن طبيب ماهر مؤهل وعندما يريد أن يبني بيتا يبحث عن مهندس بارع وهكذا وفي الوقت ذاته نوظف الواسطة للحصول على علامات النجاح واجتياز الامتحانات ولو كان الطالب لا يستحق النجاح ومن ثم نبحث له عن أفضل الوظائف.
الفساد حينما ينخر الجسم التعليمي فإنه يورث الضعف والمهانة والفشل ونرى أنفسنا أمام أجيال غير قادة على صناعة المستقبل بل تؤسس للتراجع والتخلف والانحطاط.