لم أكد اجمع خطواتي التي تبعثرت من هبوطي السريع من «باص/ الكوستر»،حتى لمحتُ «كائنات» فرِحَة،سعيدة،وكأنها من «البهجة» تقفز مثل الغزلان البريّة.
تأملتُهم من بعيد،ثم تركتُ مسافة قصيرة تتيح لي قراءة ملامحهم « البهيّة».
كان ثمّة رجال،عاد احدهم الى السيارة الفارهة،وتناول «جاكيته» الأنيق الذي نسيه في المقعد الخلفي.
وحين اخفى ذراعه في كُمّ الجاكيت،كان «رذاذ « ضحكته يملأ الإسفلت.
تساءلتُ في نفسي:أي فرح هذا الذي يسكن هؤلاء السادة السّعداء،والذي يميّزهم عن باقي « الكائنات» المزدحمة ارواحُها بالتّعب والذين يكاد المرء يرى أحزانهم تسير خلفهم مثل « عربات القطار».
كانت ثمّة ضحكات «وقورة» تشي ان السادة « السعداء» آو لأداء مهمّة.. غاية في الأهميّة.
كأن يزرعون الطمأنينة في حقول « الفقراء» و» البؤساء».أو انهم جاءوا كي يحرثوا الأرض» البور»،ويسقونها بماء الأمل.
لم أكن أعرفهم.
فالمسافة» النفسيّة» بيني وبينهم .. طويلة. وهم كما يظهرون في بدلاتهم الفخمة ،يتمتعون بلياقة» ماديّة» كبيرة.
كلماتهم « مُخْتَصرَة».. ابتسامتهم محسوبة بميزان الذهب. لا يثرثون.. لكنهم يبتسمون بغزارة ووجوههم يخالطها اللون الأحمر، دليل الصحّة والعافية.
كانت يدي لا تغادر جيبي خوفا على « الديناريْن» المتبقييْن معي من راتب الشهر الماضي. كنتُ افكّر بالأشياء التي يُمكن ان اشتريها بهذه» الثروة».
حسبتُ «أجرة الباص» ذهابا وايابا. وثمن « ربطة الخبز» اليوميّة ومصروف» الولد» المدرسي.
كانت تتناوشني الاحزان واحيانا استرد شيئا من « اليقين» بأن الله لن يتخلّى عن عباده وانا واحد منهم.
كان السادة السعداء يواصلون زحفهم نحو المكاتب التي أُعدّت لاستقبالهم.
خلعوا «جاكيتاتهم» الانيقة كما أسلفت. وثبّتوا ربطات عنقهم كما ينبغي لها ان تكون.
حضروا الاجتماع، وتركوا احزان الفقراء على الطاولة.
وقرروا ان «يبتسموا» وتعاهدوا على المزيد من ... « السعادة» ..!!