يفترض ان يكون هناك تلازم وتلاصق بين النظرية والتطبيق حتى لا يضيع الجهد المبذول سدى ويذهب سياق الكلام وتنميقه ودقته ادراج الرياح ويصبح التنظير عبثا ومضيعة للوقت او من باب رفع العتب وخلق ذريعة لتبرير الواقع.
تبذل جهود كبيرة في مناقشة الظواهر السلبية وتعقد لها الاجتماعات وتخصص لها الموازنات ويجند لها نفر غير قليل لتخرج التشريعات والقرارات بابهى صورة واجمل منطق ثم تحفظ في ادراج النسيان وغياهب الظلام.
المنظرون والدعاة ومدعو النزاهة والحرص على مصلحة الوطن كثر ويتزينون بالكلام الجميل وادعاء المثاليات والبكاء على الاطلال وهم غارقون في فسادهم ومصالحهم الشخصية والوطن يئن من جراحاته والمعضلات تتراكم يوما بعد يوم وهم يتقلبون في المناصب ويعيثون فسادا دون زاجر او رادع ممن يمتلك محاسبتهم ووضع حد لاسرافهم وتغولهم على مصالح الوطن والمواطنين.
وعلى سبيل المثال لو أخذنا قانون الكسب غير المشروع ودائرة إشهار الذمة المالية التي أصبحت مستودعات للأوراق الثبوتية التي يعتريها الغبار منذ زمن طويل ولا تجد أحدا يقلب صفحاتها ويراجع محتوياتها ويعرف اين اصبح أصحاب الثروات في ثرائهم غير المشروع بعيدا عن المساءلة والمحاسبة واعلام الرأي العام بنتائج تطبيق هذا القانون.
والامثلة كثيرة على القوانين والتشريعات الأنيقة التي لا ترى لها تطبيقا على أرض الواقع اللهم الا للتغني بأن لدينا قوانين تغطي كل جوانب الحياة ولكن لم نلمس أثر تطبيقها لأنها مغيبة عن الواقع.
ستبقى العثرات والآهات والتحسر قائما ما دامت القوانين معطلة ولا تمثل الا حبرا على ورق تآكل مع مرور الزمن عليه.