فكر جلالة الملك التنموي والاقتصاد الوطني
د. خالد ابو ربيع
26-09-2021 11:18 AM
منذ البدايات الأولى لتسلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاتة الدستورية وجه جلالته الحكومات المتعاقبة الى ضرورة وضع خطط وتصورات واضحة للتنمية الاقتصادية في كافة مناطق المملكة وعدم التركيز على المدن الكبرى وهذا تطلب إيجاد افكارا خلاقة لتوزيع مكتسبات التنمية ليشعر بها كافة المواطنين حيثما يقطنون على امتداد الوطن، ومن هذا المنطلق كان من الأهمية بمكان ضرورة استقطاب الاستثمارات إلى المحافظات البعيدة عن العاصمة عمان و الزرقاء التي تتمركز فيها معظم الصناعات والمشاريع الاقتصادية الكبيرة بسبب توفر الخدمات والبنيه التحتيه المناسبه لهذه القطاعات.
من هنا بدأت استراتيجية جلالة الملك الاقتصادية والتنموية بالتوجيه السامي بإنشاء المناطق التنموية و التي تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال توزيع مكتسبات التنمية والمشاريع الاستثمارية على محافظات ومناطق المملكة كافة وإيجاد نواة للانشطة الاقتصادية من خلال البناء على الميزات التنافسية والتفاضلية في كل محافظة ومنطقة وإيجاد حلقات تنموية متكاملة بالإضافة إلى خلق فرص العمل والحد من الفقر وتحقيق النمو الاقتصادي الوطني، إلى جانب تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية والمستوى المعيشي للمواطنين.
وهدف جلالة الملك من المناطق التنموية ان تكون وسيلة لتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية المباشرة وهذا يؤدي إلى خلق فرص العمل وتطوير الصناعات والخدمات والتنوع الاقتصادي مما ينعكس إيجابا على النمو الاقتصادي والتنمية المحليه للمجتمع الأردني .
وكانت الانطلاقة بتوجيه جلالة الملك بإنشاء منطقة معان التنموية وكذلك المفرق التنموية عام 2006 بحيث يتم فيها توفير البنية التحتية وتحديثها اضافة لكافة المتطلبات التي تحتاجها الاستثمارات وكذلك وضع اطار قانوني تمثل في قانون المناطق التنموية الذي وفر الاساس القانوني لتقديم الحوافز والتسهيلات التي تقدم للاستثمارات التي تقام في حدود هذه المناطق التنموية .
ثم انتشرت المناطق التنموية في كافة مناطق المملكة و اخذت فكرة المناطق التنموية بالتوسع والتنويع حسب انماطها لتشمل المناطق التنموية الصناعية التي اسست في معظم محافظات المملكة وهدفها تشجيع التنمية الصناعية وإيجاد المزيد من فرص العمل والتشغيل للخريجين من الجامعات الاردنية، وأصبح لدينا مناطق تنموية متخصصة مثل ( مجمع الأعمال) المخصص للريادة والابتكار وتكنولوجيا المعلومات والبحث والتطوير. والمناطق التنموية التي تقدم الخدمات السياحية من خلال استقطاب الاستثمارات السياحية النوعية في البحر الميت وعجلون) وقد استقطبت المناطق التنموية العديد من الاستثمارات المحلية والاجنبية التي ساهمت في استيعاب اعداد كبيرة من الشباب للعمل فيها وساهمت في التقليل من البطالة .
واليوم ونحن على أبواب المئوية الثانية للدولة الاردنيه فان المملكه أصبح يتواجد فبها مختلف أنماط المناطق التنموية وهذا يتطلب من الجهات التنفيذية متابعة استراتيجية جلالة الملك والاستمرار في مواكبة السياسات والممارسات العالمية الفضلى في انشاء مناطق استثمارية جديدة وكذلك إمكانية التوسع في المناطق الاستثمارية والتنموية المتخصصة قطاعيا ، والعمل على تطوير الإطار التشريعي الذي يسرع اجراءات الاستثمار في تلك المناطق ضمن الحاكمية الرشيدة التي تحفظ حقوق المستثمرين وتحقق مكتسبات تنموية تنعكس على المجتمع المحلي وتساهم في زيادة النمو ورفع إنتاجية الاقتصاد الوطني وهذا سوف يعمل على الحد من هجرة أبناء تلك المناطق إلى العاصمة بحثا عن فرص العمل.
ونشير هنا الى ان المناطق التنموية الاقتصادية قد بلغ مجموعها عالميا 6100 منطقة تتواجد في 147 دولة وهناك توسع وبشكل متسارع في انشاء المناطق التنموية في دول العالم وهذا يعكس التنافس الكبير بين مختلف دول العالم من أجل انشاء منصات لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
أن استراتيجية جلالة الملك خلال العقدين الماضيين قد مهدت المجال أمام الأردن اقتصاديا وتنمويا لدخول المئوية الثانية على أسس قادرة على دخول المنافسة في المنطقة.
* رئيس هيئة الاستثمار الاسبق