الشَّهيد ناهض حتَّر .. حضورٌ يتزايد كلَّما تقادم الغياب
سعود قبيلات
25-09-2021 06:53 PM
اليوم (25 أيلول/ سبتمبر) ذكرى استشهاد صديقي الغالي ورفيقي القديم ناهض حتَّر..
المجرمون الأخِسَّاء الَّذين دبَّروا عمليَّة تصفية ناهض حتَّر، غيلةً وغدراً، كانت غايتهم في الأصل هي التَّخلّص مِنْ آرائه وأفكاره وليس التَّخلّص مِنْ جسده وحده..
فبالنِّسبة لهم، جسد ناهض حتَّر، مِنْ غير آرائه وأفكاره، مِثله مِثل أيِّ جسدٍ آخر مِنْ مليارات الأجساد الموجودة في العالم، مهما اختلفت أشكالها وتعدَّدتْ مسمَّياتها وتباينت مواصفاتها..
بالنَّتيجة، اغتالوا جسده ولم يتمكَّنوا من اغتيال آرائه وأفكاره؛ بل إنَّ الغياب القسريّ للجسد منح الآراء والأفكار زخماً إضافيّاً، وقوَّةً معنويَّةً هائلةً، وسحراً، وحياةً دافقةً لا تنضب.
وبالنَّتيجة أيضاً، اسم ناهض حتَّر سيظلّ حيَّاً دائماً، لدى مَنْ يتَّفقون معه، ولدى مَنْ يختلفون معه..
مَنْ يتَّفقون معه، سيظلّ يمثِّل لهم رمزاً خالداً يتألَّق على مَرِّ السِّنين، ومثلاً ساطعاً لا ينطفئ؛ وأمَّا خصومهُ، فسيظلّ إرثه الفكريّ شوكةً في حلوقهم.. يحاولون قلعها باستمرار ولا ينجحون.
بالمختصر، عندما تنطلق الرَّصاصة لتغتال فكرةً، فإنَّها تكون قد انطلقت أصلاً لتحمي فكرةً مهزوزةً، مرعوبةً، ومهزومةً سلفاً.. أمام الفكرة الأخرى المستهدَفَة برصاصتها..
الاغتيال لا يحدث أصلاً إلا لأنَّ الفكرة المستهدفة به تمثِّل خطراً داهماً، بل كابوساً مرعباً لا يمكن التَّغلُّب عليه، بالنِّسبة للفكرة القاتلة.. فيسعى أصحاب هذه الأخيرة إلى التَّخلّص من الفكرة الَّتي أرعبتهم بالقوّة، متوهِّمين أنَّ ما عجزوا عن الوصول إليه بالمنطق والحجّة المقنعة يمكن أن يصلوا إليه برصاصةٍ غادرة تُوجَّه إلى جسد صاحب الفكرة المضادَّة لفكرتهم..
الفكرة القويَّة المتماسكة العادلة لا تحتاج إلى استخدام الرَّصاص لتؤكِّد حضورها وتضمن بقاءها.. كلّ ما تحتاجه هو الكلمة.. الكلمة فقط..
الكلمة، في هذه الحالة، تتجاوز كونها مجرَّد خلخلة عابرة للهواء، لتتحوَّل إلى قوَّةٍ هائلةٍ لا يمكن قهرها.. ولا حتَّى بالرَّصاص.
في النِّهاية، الكلُّ راحلٌ حتماً.. وقد «تساوى في الثَّرى راحلٌ غداً وماضٍ مِنْ ألوف السِّنين».
والمهمّ، هو ما الأثر الَّذي يبقى من الرَّاحل بعد رحيله.