هذه الأيام لا شيء يصعب على الصينيين، وما لا يستطيعون ابتكاره يأخذون فكرته - لضيق الوقت - وينتجونه بكميات كبيرة ويحرقون الأسواق، لصالحهم ولصالح الفقراء، من أمثالنا في دول العالم الثالث عشر بعد المئة.
آخر ابتكارات تلك الكائنات الصفراء النشيطة، هي كاميرا تستطيع أن تحدد المجرمين واللصوص من بين الملايين المارة من الشوارع. يبدو الأمر مفاجئا.. أعرف ذلك فقد مررت بهذا الشعور حينما قرأت الخبر، فحسب معلوماتي فإن العالم الأوروبي (لامبروزو) قبل أكثر من مئة عام حاول تحديد المجرمين من خلال صفاتهم الجسدية وتحديدا تشكيلة الرأس، لكن نظريته باتت غير مقبولة لا علميا ولا إنسانيا.
نشرت وسائل الإعلام أن باحثين صينيين أعلنوا عن نجاحهم في تطوير نوع جديد من الكاميرات، يمكنها رصد الأشخاص الأكثر انفعالًا، والأقرب احتمالًا لتنفيذ جرائم، فيمكن للشرطة إلقاء القبض عليهم في عمليات استباقية قبل أن ينفذوا جرائمهم.
يعتمد الفريق العلمي الصيني التابع لجامعة جنوب غرب الصين في مدينة تشونجتشينج، على فكرة معاناة المجرمين من مستويات ضغط ذهني شديد، بالرغم من أن مظهرهم الخارجي يشبه كثيرًا الأشخاص العاديين، بحسب البروفيسور تشين تونغ، المسؤول الأول في الفريق. الذي قال: «كلما زاد الضغط الذهني، ارتفع مستوى الأوكسجين في الدم، وهنا يمكن للتقنية التي طورناها أن تكتشف هؤلاء الأشخاص، وبالتعاون مع السلطات يمكن منع الكثير من المآسي».
وبما أن البرنامج الذي يقوم بتشغيل هذه الكاميرا يعتبر كبيرا على الهواتف المحمولة، فقد تم ابتكار آلية بأن تقوم بتصوير الشخص الذي تعتقد بأنه ينوي القيام بعمل اجرامي، وترسل صورته الى كاميرا مركزية تقوم بـ (التحقيق) وتتصرف الأجهزة الحكومية بناء على ذلك.
تذكرت الان قصة جحا، حينما ضرب ابنته بعد أن حملت الجرة لتملأها من عين الماء، ولما سألوه عن سبب ذلك قال لهم، وما فائدة ضربها بعد أن تكسر الجرة، فكان هذا التصرف أول نسخة عربية من الكاميرا الصينية المزعومة.
شاهدت فيلما من الخيال العلمي يتحدث عن آليه تشابه هذه الكاميرا الصينية، وتكتشف المجرمين وتعتقلهم وتحاكمهم وتسجنهم قبل قيامهم بفعل الجريمة. لكن ذلك المجتمع - حسب الفيلم - كان مملا ورتيبا واخلاقيا أكثر مما ينبغي. لذلك ثار الناس ودمروا الجهاز وتخلصوا من مجتمع أشباه الملائكة.
الإنسان يحتاج إلى ان يمارس الخطيئة من أجل أن يمارس التوبة بعدها، ولا معنى لمجتمع خال من المغامرة، ومن حق الإنسان بالوقوع في الخطأ.. هكذا نحن البشر...خطّاؤون الى الأبد.
الدستور