ترقب وحيرة وقلق تنتاب المواطن حول العالم؛ مصير مجهول ما يحدث من أزمات وكوارث طبيعية ومشكلات سياسية وتفاصيل اقتصادية منوعة تتصدر صفحة أولوياته وتجعله يصاب بالوجع والصداع وفقدان الأمل.
حول العالم، ثمة ما يؤرق بال المواطن ويجمعه مع سائر شرائح المجتمع للبحث عن الراحة وتوفير لقمة العيش والشعور بالأمان والاطمئنان على نفسه والأجيال من بعده، وثمة ما يزعج أهل السياسة حول العالم من مشاكل وتعقيدات في المسارات كافة.
تعب الجميع من آثار ما يحدث وما سوف يحدث قريبا وبعيدا، والتفكير الجدي يكمن في إراحة العالم من الضغط الهائل وعلى جميع المستويات، ويفرض نمطا جديدا مع التعامل مع الأزمات البيئية على وجه الخصوص ومع الأحداث السياسية على أرض الواقع والوجود والتحدي.
هموم المواطن حول العالم وإن لم تكن واحدة، لكنها ذاتها من درجات التحمل والمعاناة للحصول على قدر كافٍ من متطلبات المعيشة الكريمة وعناصر الحياة الضرورية وسبل النجاة.
قائمة طويلة من الامنيات، ولعلها الاحلام الخاصة والعامة تتصدر نهار وليل وسائر اوقات المواطن وتعكس حجما من الرجاء والترقب والانتظار للوفاء بقسط وإيجار البيت وتسديد فواتير الكهرباء والماء والهاتف والبنزين وبنود تطول وتطال جيب المواطن حول العالم دون استثناء.
القيمة النسبية للهم المعاش هي ذاتها–وإن اختلفت–عند تناول كلفة التعليم والصحة والنقل وتكلفة بنود المعيشة الأخرى وهي ما يعبر عنها الجميع بحرقة وألم وبشكوى وتذمر تارة، وبسخرية واستهزاء وتحكم تارة أخرى..
ضريبة عيش الواقع الحالي حول العالم مرتفعة وتتراوح في قيمتها من بلد إلى آخر، وتلعب السياسة ومعادلاتها الكثير في العلاقات الدولية والمصالح المشتركة والعديد من مجالات التعاون والتنسيق والتي تنعكس على الشعوب إيجابا وسلبا على حد سواء.
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة متاحة للتعبير عن المشاعر كافة، منها المفرح والكثير منها غير سار، وكم ينتشر الخبر ويبث في الفضاء الرحب وتصبح المعلومة حقيقة مصدقة مقابل جميع التبريرات ومحاولات الدفاع والتفسير والتوضيح؛ ما يبث فورا يصدق للتو دون جدال، تلك هي معضلة لتعب الكثير حول العالم من مضمون ما يضاف للوجع والقهر والألم والمعاناة، ويزيد من عناء السعي للحصول على متطلبات العيش بهدوء بعيدا عن المظاهر الزائفة.
كم يبدو ملفتا للنظر خبر نفاد تذكرة مطرب في لحظات بدقائق وارتفاع سعرها على الرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها العديد من الأسر في الأردن وعلى الرغم من استهجان العديد من الشرائح الاجتماعية لهذا التصرف الاستهلاكي المسرف.
تعبنا كثيرا ولكن نحتاج للراحة من مضمون ما يعكر صفو الحياة ويزيدها سوداوية من خبر وصورة ومقطع وتعليق، ونحتاج لمصداقية الـتأثير؛ أصحاب السلبية يمارسون ضغطا هائلا على جميع ما يخص حياتنا من تفاصيل ويبثون الخوف والإحباط واليأس والاخطاء ويتعبون البال كثيرا.
يلزم عيش الواقع التعامل مع طبيعة الظروف بإيجابية على الرغم من التحديات الصعبة التي نمر بها؛ عشنا اقسى من ذلك، وبقي القلب ينبض بالحياة والعطاء واستمرت المحاولات وبقي الأمل والرجاء سلاح من يرغب التغلب على العقبات كافة.
سر تعبنا يكون في كثير من الأحيان من هالة السلبية وطاقتها التي تسرق همتنا وسعينا وعزمنا لعيش الحياة كما قدر لنا الله وكما ينبغي فهمها بقناعة وإيمان واجتهاد وعمل ونية نقية، لا قيمة تعادل راحة البال، أو تعوض عنها عند فقد السعادة والركض وراء سراب بقيعة.
تعبنا ولكن لم نفقد الهمة والروية والصبر وعلينا متابعة المسير، وطوبى للساعين صوب النجاة.
(الرأي)