المصالحة الفلسطينية تدخل مرة اخرى في طريق مسدود وذلك لان اطرافا فلسطينية وعربية و اميركية واوروبية تتدخل مباشرة في الشأن الفلسطيني وتضع شروطا تعجيزية كانت منذ البداية عقبة كاداء في طريق هذه المصالحة الوطنية...فعندما يكون توقيع الوثيقة المصرية للمصالحة اولا وقبل فتح المجال امام ملاحظات طرفي النزاع ، فانما يكونون قد وضعوا العربة امام الحصان وقالوا: «انطلقوا في المسيرة»...

لو لم تتدخل الاطراف آنفة الذكر في الشأن الفلسطيني منذ البداية لكانت المصالحة الوطنية قد انجزت بكل اليسر والسهولة المطلوبين... لكن شروط هذه الاطراف التي هي بالاساس شروط اسرائيلية تقوم على الاعتراف باسرائيل وبنبذ المقاومة والالتزام بخيار الحل السلمي - السياسي كخيار وحيد للفلسطينيين هي التي وقفت حائلا لمنع اي حوار فلسطيني - فلسطيني جدي ومسؤول وينطلق من المصلحة الوطنية الفلسطينية...

كل من طرفي النزاع يطالب بالمصالحة الوطنية ويملأ الدنيا تباكيا عليها... وبعد الهجوم الاسرائيلي الوحشي على اسطول الحرية في المياه الاقليمية، لم يبق ما يبرر لاي طرف من طرفي النزاع عدم تحقيق المصالحة ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية تعيد تنظيف وتنظيم وترتيب البيت الفلسطيني من داخله.. ثم الانطلاق ببرنامج وطني توافقي نحو ممارسة كافة اشكال النضال المشروع لاستعادة الحقوق الوطنية الفلسطينية كاملة غير منقوصة.

ولما كانت اسرائيل قد تنكرت لجميع الاتفاقات الموقعة مع الجانب الفلسطيني ، واظهرت للملأ عدم استعدادها لتحقيق سلام عادل ،فقد اضحى مطلوبا من الجانب الفلسطيني عدم الالتحاق بمفاوضات مباشرة او غير مباشرة مع حكومة نتنياهو قبل رفع الحصار عن قطاع غزة ووقف عمليات الاستيطان وهدم منازل الفلسطينين والكف عن حفرياتها التخريبية للمسجد الاقصى...

أما الجانب العربي فليس لديه ما يبرر الابقاء على مبادرة السلام العربية ، والوقوف مكتوف اليدين مشلولا أمام تطورات النزاع مع اسرائيل.. وعليه اغتنام الحصار الدولي المفروض على اسرائيل بسبب هجومها الوحشي على أسطول الحرية وقبل ذلك عدوانها العنصري البغيض على قطاع غزة..

فثمة مناخ ملائم حاليا لتحرك عربي مسؤول وشجاع وحازم لاجبار اسرائيل على الالتزام باستحقاقات السلام الذي يعيد للشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية كاملة غير منقوصة..

على أن يبدأ هذا التحرك العربي المطلوب بممارسة مختلف أشكال الضغوط على الادارة الأميركية التي تنشب بينها وبين اسرائيل أزمة غير معلنة ، من أجل ان تقوم بدورها بممارسة ضغوط جدية على اسرائيل ، والا فان عليها التخلي عن دورها وسيطا فاشلا لانهاء الصراع العربي - الاسرائيلي..

وبالعودة الى المصالحة الفلسطينية ، فقد بات من الضرورة الوطنية والقومية والأخلاقية ترك طرفي النزاع لاستئناف حوار وطني جدي مسؤول بمنأى عن كل أشكال التدخل وصولا الى المصالحة الوطنية المطلوبة...