ليس جديدا ولا مباغتا ما خَلُص اليه استطلاع الرأي, الذي أعده مشكورا مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية, فالاحباط سيد الموقف, والثقة بالرسمي في ادني مستوياتها, رغم النجاح الذي حققته الحكومة الحالية في مواجهة جائحة كورونا, وعودة الحياة الى طبيعتها, مع الحفاظ على نسبة اصابات في حدودها الدنيا, لكن ذلك كله ليس كافيا في ظل إرث من الاحباطات, تحديدا في مسار الاصلاح السياسي ومحاربة الفساد.
مركز الدراسات ورئيسه النشط د زيد عيادات, اختار توقيتا مثاليا لعرض نتائج استطلاعه, علما بأن د عيادات هو احد اعضاء لجنة تحديث المنظومة السياسية, وبالتالي يقدم دليلا مزدوجا على اهمية قراءة النتائج, بحكم موضوعية المركز المعهودة منذ نشاته, لكن عيادات اضاف نهجا اشتباكيا مع معظم تفاصيل الحالة المحلية والاقليمية, اما من خلال استطلاعات رأي الاردنيين, او من خلال ندوات نوعية لبحث الاحداث الاقليمية والعالمية, وبشكل يثري العقل الاردني الراغب بالثراء العقلي.
وعودة الى موضوع الاستطلاع وحجم الاحباط المحلي, الذي له الكثير من الاسباب والمسببات, لا تحمل اللجنة الطازجة وزرها كلها, فهذا ارث من الاحباط منذ بداية عمل لجان الاصلاح السياسي من الاجندة الى لجنة الحوار الوطني وما بينهما من شعارات وطنية كبرى جرى ذبحها على مسلخ التردد وعدم الحسم بالسير في طريق الاصلاح, وكذلك رداءة او يمينية الاشخاص المناط بهم تنفيذ المخرجات الاصلاحية, ففي كثير من المرات جرى ذبح المخرجات على يد الاشخاص المنوط بهم تنفيذها, بعد ان سار التنفيذ على رأسه بدل قدميه, بتكليف اشخاص رجعيون او يمينيون بتنفيذ الاصلاح, وطبعا لا اصلاح بدون اصلاحيين.
الخطوة القادمة من اللجنة, وعليها ان تبادر بهجمة مرتدة, مرسومة بداية من قراءة عميقة وسريعة لنتائج الاستطلاع, ليس من باب الشماتة كما يفعل بعض اعضاء اللجنة ورافضي الاصلاح من اساسه, بل من خلال الدفاع عن مخرجات عمل اللجنة وتحديدا في مساري الاحزاب والانتخابات, وتعزيز الثقة بمخرجات عملها حيال الشباب والمرأة والادارة المحلية, فهذه الثيمات الثلاث, لاقت استحسانا من الرأي العام, كما تشير النسب في الاستطلاع, على ان تكون الهجمة واعية ومدروسة بعناية من خلال المحتوى اولا وثانيا من خلال الاشخاص الذين يعرضون هذا المحتوى, وليس على طريقة تعداد سكاني لعدد الذين حاورتهم اللجنة وعدد ساعات العمل, فهذه مقدمة سيئة , فاللجنة مكلفة وقبلت التكليف بل وفاخرت به حدّ استقبال عدد من اعضائها التهاني, وبالتالي هذا النوع من الاخبار الاحصائية غير نافع.
ما حققته اللجنة حتى اللحظة محاط بظلال الشك, بحكم عدم الثقة في الجهة التي ستتلقف المخرجات واقصد مجلس النواب, وهذا ايضا عكس نفسه على نسبة الاحباط, لكن قناعة ثلث الاردنيين الايجابية باللجنة ومخرجاتها, ليست سهلة, بل نسبة جيدة جدا في هذا الوقت, وعلى اللجنة ان تدرك ذلك, وان لا تسمح للاحباط ان يتسلل اليها, وان تتقدم بثقة بورقة السياسات او الورقة البيضاء, التي ستكون نقطة تحول في مزاج الاردنيين, يمكن ان تكسب اللجنة من خلالها ثقة اكبر, فعمل اللجنة قائم, لتوفير ارضية داعمة لمخرجات عملها تحت قبة البرلمان, وهذا يتطلب تحقيق تحالفات شعبية وسياسية عريضة.
النتائج ليست صادمة, بل كاشفة, وهذا يمنح مركز الدراسات الاستراتيجية وادارته وكوادره, احقية ازجاء الشكر لهم على هذا الجهد, الذي يفضي الى حقيقة مفادها, بات لدينا مؤسسة تُعنى بالتفكير الاستراتيجي, وتقدم خدمة لصانع القرار, قبل الاقدام على القرار, وكذلك على تصويبه ان امتلك الارادة لذلك.
الأنباط