العلاقات الأردنية العراقية .. بناء في رحم التحديات
إيمان صفّوري
19-09-2021 01:07 AM
جيوسياسية العلاقات العربية اليوم، تجاه العراق، تشير لتغييرات في موازين القوى والنفوذ فى منطقة الشرق الأوسط. وفي علاقاتها بدول الجوار، ترتبط الجمهورية العراقيّة بعلاقات ذات جذور تاريخية مع المملكة الأردنية الهاشمية، منذ تأسيس الدولتين. وعلى المستويات كافة، تتميز علاقات البلدين بشراكة استراتيجية وأمنية واقتصادية طموحة بما يخدم مصالحها ومصالح الشعبين الشقيقين.
يدعم الأردن عراقًا قويًا ومستقرًا ومعتدلًا وموحدًا. و على الرغم من الأزمات المتكررة، تمكّن البلدين من تكوين علاقات عميقة. وحافظ الأردن على وجود دبلوماسي قوي في بغداد. كما للمملكة دوراً إيجابياً ضمن نطاق الجهود الهادفة إلى استقرار الوضع وإعادة الإعمار في العراق.
منذ فتح معبر الكرامة/ طريبيل الحدودي عام ٢٠١٧ والذي يربط الأردن مع العراق، جرت تسهيلات للتبادل التجاري بين العراق والأردن. تلتها العديد من التفاهمات والاتفاقات في مجالات عديدة. اكتسبت آفاق التعاون المتزايد بين الأردن والعراق على وجه الخصوص، زخمًا منذ القمة الثلاثيةالأولى لبغداد وعمان والقاهرة في عام ٢٠١٩، وربما لم تكن أقوى من أي وقت مضى. وقدتقرر حديثا عودة نظام (دور تو دور) للشحن بين الأردن والعراق وهو ما يتيح لتحميل المنتوجات من أرض المصنع الى التاجر في البلد الآخر مما يزيد في الصادرات والتبادل التجاري؛ ويسمح هذا النظام بدخول الشاحنة العراقية الى الأراضي الأردنية، ودخول الشاحنة الأردنية للأراضي العراقية. الى جانب السماح لمن يرغب بالاستمرار في التصدير من خلال ساحات التبادل على الحدود بنظام "باك تو باك"، وهو ما يسمح بدخول الشاحنة الأردنية والعراقية إلى ساحة على الحدود بين البلدين؛ مخصصة للتبادل التجاري وبعدها يجري نقل البضائع بين الشاحنات في تلك الساحة.
كما تكلّلت المزيد من الجهود، لبحث اتفاق توأمة بين العقبة والبصرة، وتعزيز حركة الشحن بين الأردن والعراق، وبحث توأمة فتح خط الشحن الجوي بين مطار الملك حسين الدولي بالعقبة والمطارات العراقية ووضع دراسة جدوى لخارطة طريق للربط السككي الاسيوي وتعزيز حركة الشاحنات بين البلدين لتصل الى مصر.
لطالما دعم الأردن السياسات التي تحافظ على أراضي العراق وسيادته. وأهمية إعادة العراق إلى عمقه العربي، وأن تحسّن العلاقات بين الأردن والعراق لن تأتي على حساب العلاقات القائمة بين أي من البلدين مع دول أخرى، وأن أي دعم للعراق حاليا من شأنه أن يساهم في تعزيز الهوية الوطنية للبلاد، وتقوية مؤسساته، ودعم عملية سياسية شاملة. كما وسيساعد على تعزيز الاستقرار في المنطقة ككل.
وعبر بوابة الاقتصاد ومشاريع التنمية، يسعى البلدين بل وبلدان المنطقة، من الاستفادة من العلاقات الأردنية العراقية، وإمكانية إعادة دور الأردن بمشروع أنبوب نفط العقبة – البصرة الذي يدور الحديث بشأنه منذ عقود؛ حيث كانت فكرته متداولة منذ عام ١٩٨٨. وهو خط أنابيب ينقل النفط العراقي إلى الأردن والى مصر وقسم آخر لدول لديها عقود مع العراق. وأن المشروع سيكون ذا قيمة إستراتيجية لجميع البلدان المعنية، بما في ذلك الأردن، كما وسيعزز التعاون في مجال القدرات البترولية والتعاون التجاري واللّوجستي والصنّاعي وتوفير فرص عمل جديدة. وبالنسبة للعراق، الذي سيجد منفذ تصديري من خلال ميناء العقبة على البحر الأحمر .
و خلال قمة بغداد التي انعقدت مؤخًرا، تم التقدّم بتحقيق خطوات مهمة لإنجاز مشروع الربط الكهربائي. فضلا عن اكتمال الإجراءات الخاصة بإقامة المنطقة الاقتصادية بين البلدين. وتخصيص الأرض من الجانب العراقي وسبقه بذلك الجانب الأردني في إطار مشاريع التعاون الثنائي بين الأردن والعراق.
كما جرى فتح الحدود البرية أمام العراقيين المقيمين في المملكة، وذلك تزامنا مع الإعلان عن بدء دخول الشاحنات الأردنية إلى العراق. كما وصلت شحنة من النفط العراقي المصدر إلى الأردن، تنفيذا للاتفاق الجديد.
و سيشارك الأردن في معرض بغداد الدولي
الذي سيقام في العاصمة العراقية بغداد في كانون أول/ ديسمبر القادم وسيعرض خلاله مختلف المنتجات الأردنية، كما سيخصص جانب من الجناح الأردني في المعرض للبيع المباشر.
ان الأردن يعتبر بوابة مرور للعراق وان الاستقرار والأمن في البلدين ينعكس ايجابًا على العلاقات فيما بينهما. وربطت الأردن و العراق علاقات اقتصادية وثيقة على مدى عقود، ويواصل الأردن تقديم إسهامات ايجابية إلى العراق. وبالإضافة للتاريخ المشترك الذي يجمعها، إن الأردن والعراق لهما تاريخ طويل من التعاون العسكري لاسيّما في فترة ما قبل عام ١٩٩٠. كما يجمع البلدين العديد من أشكال التعاون في المجال الزراعي والصحي والقطاع المالي والنّقل وفي مجال الآثار... عدا عن الروابط الدينية المشتركة والثقافية والإنسانية.
العراق كان وسيبقى منارة للحضارة الانسانية ويمارسُ دورَه الرياديّ الهامّ في طليعة دول الإقليم لمواصلة مسيرته في البناء والتقدم، وبما يوائم تطلعات شعبه نحو الرخاء والازدهار.