لم يعتقد المرحوم كريستوفر كولومبوس، ومن بعده، أمريكو فيسبوتشي بأنهما سيزيدان العالم ضيقا - وليس اتساعا - عند اكتشاف قارتين جديدتين. وبالتأكيد لم يكن ضمن مخططات أي منهما بأن يجعل أحفاد المستوطنين الأوائل من العالم قرية كبيرة تقبع بخوف ورهبة تحت دوي طائراتهم وصواريخهم البالستية.
المستوطنون الأوائل كانوا (يضحكون) على السكان الأصليين هناك، ويبادلونهم الخرز الملون وقطع الزجاج اللامعة بالذهب، وكان هؤلاء الذي تمت تسميتهم، خطأ بالهنود الحمر يفرحون بهذه الخرزات والزجاجات، ويعلقونها في رقابهم وفي ثقوب أنوفهم.
بعد زمن تعلم الهنود الحمر بأن هذه الخرزات عديمة القيمة أمام الذهب، فبحث المستوطنون الأوائل عن وسائل أخرى لسلب خيرات السكان الأصليين، ولما لم يجدوا قاموا بإبادة معظمهم، وسرقة أوطانهم بأكملها.
نحن العرب العاربة والمستعربة، لم نستوعب الدرس حتى الان، وبعد المرور بملايين التجارب والأخطاء التي نكررها كل يوم - على عكس المؤمن - الذي لا يلدغ من الحجر الواحد أكثر من مرة واحدة.
نحن العرب العاربة والمستعربة، ما زلنا ننخدع بالخرز الملون والزجاج المصقول ونستبدله بالذهب والألوان عن طيب خاطر، لا بل ما زلنا نعتقد أنها صفقة ضيزى بالنسبة للفرنجة.
اضطر المستوطنون الأوائل في الأمريكيتين، الى إبادة معظم الهنود الحمر للإستيلاء على اراضيهم، وحبس من تبقى منهم في مستوطنات معزولة داخل اراضيهم. أما نحن فنستبدل بالخرز.. وبدون خرز حتى.
أما من واحد من الهنود الحمر يعلّمنا دروس التاريخ المستقاة، مقابل أطنان الخرز الملون الذي علقناه في رقابنا!.
الدستور