يدعوك أحدهم على طعام العشاء ، ويقول لك إن العشاء على شرف صديق ، وتقبل الدعوة ، لكنك تبقى تسأل نفسك عن علاقة الشرف بمثل هذه الدعوة.
ينتقد ضابط الامن الليبي في قمة سرت العربية ، في شهر اذار الفائت ، قصة اللغو بالشرف ، وحين يعرف انني من الاردن ، يقول انه زار الاردن ، اكثر من مرة ، متسائلا لماذا تحلفون بالشرف ، عند اي قصة ، فيقول لك من امامك "بشرفي" وحين يريد ان يجعلك ان تقسم يقول لك "بشرفك" معتبرا ان هذا لا يجوز.
الشرف رفيع الدرجات ، والشرف لدى العرب يعني اولا المرأة والعرض ، ويمتد في تفسيراته الى الشرف الشخصي للرجل ، بمعنى رجولته ، والذي يدعوك الى العشاء على شرف صديقه ، يريد ان يقول لك ان العشاء تكريم لفلان لشرفه الفخري بين الرجال ، غير ان تعبير الشرف يبقى حساسا في شرق المتوسط ، وصحاريه الغامضات ، ومدنه المترهلات.
الذي يريد ان يشتم انسانا اخر يقول عنه "ماعنده شرف" والاهانة تحتمل تفسيرات كثيرة ، تبدأ بأنعدام قيم الذكورة التي تعني الخشونة والرجولة والكرم والسطوة وغير ذلك ، وتصل حد الغمز من سمعة الانسان على صعيدها الانثوي ، عبر مامضى من ايام غابرات ، وقد يشتم المرء والدك فتسكت ، لكنه اذا غمز من شرفك بكلمة يتم قتله او هدر دمه.
من الجرائم الدموية ، جرائم الشرف ، واذا سمع المرء كلمة حول اخته او ابنته ، يرديها قتيلة ، دون ان يتأكد في حالات كثيرة ، مما سمع ، وتسمية هذه الجرائم بتلك المرتبطة بالشرف ، تسمية جائرة ، لاننا في حالات كثيرة ، نكتشف ان "المؤودة" اكثر شرفا من القاتل ، غير ان القانون يمنحه العذر المخفف ، لان الشرف يغفر ويغفر ، خصوصا ، للذكور.
زميلنا عبدالهادي راجي المجالي كتب مقالا نادرا ذات مرة حول قصة"الشرف"وكيف نزج بالتعبير في كل قضية ، ومطالعته تأخذني الى اشكال اخرى ، من توريطنا للتعبير فيما يستحق ولايستحق ، على الرغم من القدسية في المعنى والجذور المتوارثة بشأن التعبير ومخاطره الاجتماعية.
في المحصلة من يريد ان يقيم مأدبة طعام يستغل تعبير"الشرف" ومن يريد ان يقتل يستغل "الشرف" كسبب مخفف ، ومن يريد ان يشتم انسانا يدير معركته معه من زاوية "الشرف" ومن يريد تعيين انسان في موقع بلا صلاحيات يصفه برئيس الشرف الفخري ، ومن يريد تدليلك يقول لك انه قرر اقامة غداء "ع شرفك" ، دون ان تمنعه من زج "الشرف" وسط كومة اللحم والارز والصنوبر والجميد المسال.
"خلوا الشرف ع جنب"،،.
mtair@addustour.com.jo