عندنا النظافة ليست من الإيمان
علي الزعتري
17-09-2021 09:50 AM
هل يجب أن تمر زيارةٌ عاليةُ المستوى بكل ساحات البلاد ليتحرك مسؤول وجمعية ومواطن بحملةٍ للنظافة؟ أليست عبارة النظافة من الإيمان من أوائل رزم المعارف التي تُرمى على الصغار؟ ثم ينسونها و الكبار. ألا تخجل البلديات وأصحاب المحال و قبلهم البشر المتسببون بالفوضى و بقلة النظافة من حال بلداتهم و محالهم و التشوه المستمر لأماكن تواجدهم؟ لماذا تنفصم النظافة عن الإيمان في الأماكن العامة و تنحصر بالبيوت ثم تتوقف على عتباتها و ما وراءها ساحاتٌ مسموحٌ بها كل أشكال التقذير؟
تعالوا في جولةٍ على بعض الأحياء والأسواق بدءً من غياب أرصفةٍ و مماشي آمنة للناس في الشوارع إلى المحال المعتدية على الرصيف إن وجد و على حرم الشارع و إلى اليافطات المهترئة و المتقذرة بالتراب وما حولها من نفايات و ما يُرمى في الحاويات ثم ينتهي حولها. أنظروا في من يرمي من السيارات الأنيقةِ و المزرية و بعض العامل الذي يدخل بيتك بملابس ليست فقط غير مناسبة للعمل بل هي ببعض الأحيان معيبة. تطلعوا فتجدوا الناس مجموعتين: مجموعةٌ لا تبالي و مجموعةٌ معتزلةٌ. التي لا تبالي لا تسأل و لا تهتم و لا يضيرها نظرة لائم أو نصيحة ناصح و ستفعل ما تريد بوقاحةٍ و من غير تحسب لحساب. و المعتزلة تقفل الشبابيك و الأبواب و تئرز بعيداً مخافة العدوى و إن تعاملت فتتعامل بحذرٍ يقترب من القرف مما تراه. و لو كان هناك جيشٌ من عاملي الوطن يلحقون الناس للتنظيف وراءهم و الناس لا يهتمون و لا يرتدعون فلن ينفعوا بشيء.
ما هو التفسير لهذا و كيف يصل المجتمع لحالة قبول تدهور النظافة العامة؟ هذه تحتاج بحثاً وافياً لكن بعض التفسير يأتي من التربية التي لا تحترم العموم و ترتبط بأنانية الإنسان بمعنى "أنا و فقط". و بعض التفسير هو من السياسة بمعنى أن المواطن ينتقم من حكومته بهدر الموارد عبر التخريب و السرقة و بضمنها استمراء التقذير "جكارةً". و بعضها يرمي اللوم على قوانين قاصرة و تنفيذٍ لها غير جدي حتى إن وُجدت. و بعضها على قلة الموارد و كثرةِ المشاكل. هي كل هذه الأسباب لكنني أرمي بالوزن الأكبر على المواطن الذي بمكانه أينما كان يجب أن يكونَ نظيفاً.
مع نعمةِ الإسلام و الطهارة و الوضوء لا يمكن أن تتعايش الوساخة و القباحة مع الإيمان. لكنها تفعل. إنه إنفصالُ الاعتقاد عن المعاملة و بصراحة إنه سوء فهم للدين و المعاملة و نفاقٌ باطني وظاهري.
إن اللهُ لا يغيرُ ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم.