الرئيس الجديد، أو الوزير الجديد، أو الأمين الجديد، أو المدير الجديد، أو المكلف الجديد، لا يستكمل مشروعات ما قبله ويبدأ منذ تسلمه مسؤولياته بتقليد بيروقراطي أصيل، وهذا بحد ذاته يشكل كارثة من حيث إضعاف البنية المؤسساتية والهروب من مواجهة الواقع وترحيل المشكلات وعدم الالتفات للتحديات البنيوية العميقة التي تعيشها بعض المؤسسات والهيئات نتيجة التشبث بالتقليدية التنفيذية، ما أدى إلى تزاوج السلطة مع الثروة، وبالتالي استفحال الفساد وإفقار الملايين، الأمر الذي ألغى فكرة تطبيق مفهوم التنمية الشاملة.
الإدارة العامة تحتاج اليوم إلى تفكير استراتيجي صارم وإعطاء بعد مؤسسي من حيث إيجاد آليات عمل المؤسسات، بشكل ديناميكي، وبصورة مجتمعة وملائمة و متناغمة، بعيداً عن العشوائيات، وتحويلها إلى خادم جيد للتنمية الشاملة للحفاظ على ديمومة إستقرار الدولة.
بعض المؤسسات اليوم تمارس الفئوية والجهوية والمحسوبية وخدمة المقربيين أو عدد من الأفراد لا يتجاوز عددهم عشرون شخصاً يتم اختيارهم بانتقائية على مدار العام يتحاصصون ميزانية مؤسسة بأكملها مع القلة من الفاسدون الذين يديرون المؤسسة والذين بدورهم يمررونها تنفيذياً بأسماء المستفيدين وفق آليات سير المعاملات، ويتقاسمونها فيما بينهم في ساعات الليل والعطل الرسمية، بناءاً على اتفاق شفهي على حساب المصلحة العامة و المجتمع الذي يبلغ تعداده مليون ونصف وأكثر في بعض المحافظات، حيث لا رقيب ولا حسيب على كل من يقوم به كل في موقعه.
أخيراً إنفاذ وترسيخ سيادة القانون على أرض الواقع على جميع المؤسسات والأفراد وتطوير أجهزة الرقابة الداخلية السبيل الوحيد لتطوير الإدارة العامة وحماية المال العام وموارد المؤسسات وتحقيق الخطط التنموية بمفهومها الشامل وخدمة النظام والدولة والمواطن بإخلاص وأمانة.