ادعى بعض العلماء بأنهم اكتشفوا مادة تساعد على اختفاء الأجسام المادية وبصفتي من قراء المجلات المصورة من مرحلة الطفولة والمراهقة والشيخوخة أحيانا، وبالتالي من أتباع مدرسة سوبرمان والرجل الوطواط وطاقية الإخفاء، فقد افترضت بأن الأمر قد تأخر كثيرا قبل اكتشاف هذه المادة التي كنا اكتشفناها، في الخيال، من عقود.
طاقية الإخفاء: فكرة اخترقت طفولتنا ومراهقتنا، منا من استخدمها ذهنيا لمقابلة محبوبته بعيدا عن أعين الرقباء، او لمراقبتها، ومنا من فكر فيها لسرقة اسئلة الامتحانات، أو إشعال النار في المدرسة، أو حتى لسرقة الدكاكين.
أنا كنت من طائفة المفكرين في طاقية الإخفاء، وربما شماغ الإخفاء أو مرير الإخفاء لغايات التشنيع على الصهاينة، ودفعهم إلى الاشتباك ببعضهم وتدميرهم .. يعني كنت من طائفة الوطنيين الذين يرغبون في تحرير فلسطين، لكنهم لا يريدون دفع الثمن.. ثمن القتال من أجلها، فيفضلون طاقية الإخفاء ليقوموا بواجبهم الوطني في أقصى درجات التقية والأمان، ولن ينسوا الإعلان عن أنفسهم بعد التحرير الكامل وزوال الخطر، حتى ينالوا التقدير والاحترام والنياشين.
ولما كبرت تضاءلت احلامي في مجال الاختفاء للدخول إلى الملفات العامة والخاصة وكشف الفساد والإفساد والحصول على سبق صحفي في الموضوع.. طبعا سوف أقوم بتصوير الوثائق وتوزيعها وأنا مختف. حتى أضع الفاسدين المفسدين أمام الأمر الواقع. دون أن يستطيعوا تخويف أحد او رشوة أحد للتخلص من المأزق.
كبرت وتضاءلت أحلامي أكثر وأكثر حتى صرت أسعى للحصول على طاقية الإخفاء لافهم آلية التسعير للمشتقات البترولية.
وها هي أحلامي تزداد تواضعا حتى صار الاختفاء. مجرد الاختفاء.. أمنية كبرى:
- الاختفاء من أمام غول الأسعار الذي يكبر ويكبر.
- الاختفاء حتى لا أرى الفقراء الذين يزدادون، والفقراء الجدد الذين يهبطون يوميا من الطبقة الوسطى.
(الدستور)