عندما يفشل علاج مريض أو يتوفى فغالبا ما تسيطر الشكوك على تفكير المريض او ذويه بارتكاب الطبيب لخطأ طبي، وغالبا ما يتبنى الرأي العام فكرة وجود خطأ طبي، فالميل للشكوك والنظرة السلبية فطرة او عادة غالبة على الطبيعة البشرية.
وحين لا يثبت ارتكاب الطبيب لخطأ في التشخيص او المعالجة يتهم الأطباء بالتستر على بعضهم بعضا واخفاء الحقائق حماية للزملاء من المسآلة والعقاب والتعويض حتى في وسائل الإعلام نجد من يسارعون إلى الكتابة والاتهام قبل انتهاء التحقيق القضائي وصدور الحكم في القضية.
وبوجه عام يعتبر الناس كل فشل في العلاج خطأ طبي وهذا غير صحيح ولا ينطبق على كل الحالات.
قبل صدور قانون المسؤولية الطبية والصحية في عام 2018 لم يكن في التشريع الاردني تعريف محدد للخطأ الطبي وكان القضاء يلجأ في ذلك إلى قواعد المسؤولية في القانون المدني ومؤلفات فقهاء القانون.
قانون المسؤولية الطبية والصحية عرف الخطأ الطبي بأنه ((أي فعل او ترك او اهمال يرتكبه مقدم الخدمة ولا يتفق مع القواعد المهنية السائدة ضمن بيئة العمل المتاحة وينجم عنه ضرر)).
لاحظ العبارة (أي فعل او ترك او إهمال) فإذا ترك الطبيب استعمال الوسائل والاجهزة الطبية المتاحة في التشخيص فقد ارتكب خطأ طبيا، وإذا أهمل في بذل الجهد والعناية في التشخيص والمعالجة فقد ارتكب خطأ طبيا، وإذا قام بالمعالجة او الجراحة بطريق خاطئة لا تتفق والمعايير الطبية المتعارف عليها في تخصصه فقد ارتكب خطأ طبيا، وبالطبع فإن وقوع الضرر نتيجة الخطأ شرط للمساءلة والتعويض المدني.
ملاحظة أخرى ان القانون جاء بعبارة (اي فعل او ترك او إهمال يرتكبه مقدم الخدمة)) وقد عرف مقدم الخدمة بأنه ((أي شخص طبيعي أو اعتباري يزاول مهنة من المهن الطبية أو الصحية ويقوم بعمل من أعمال الخدمة أو يشترك في القيام بها وفقا لأحكام التشريعات المعمول بها)) وهذا يعني ان الخطأ قد يرتكب من المستشفى أو من الممرض او من الطبيب او مصور الأشعة او من الصيدلي الذي صرف الوصفة الدوائية.
بقي أن نقول ان الأخطاء الطبية موجودة في جميع بلدان العالم وهي في الأردن ربما اقل بكثير من نسبتها في اي دوله أخرى، ولكنها تحدث ومن حق كل متضرر أن يلجأ للمدعي العام أو لنقابة الأطباء ووزارة الصحة فالمساءلة مهمة جدا لتدارك الأخطاء في المستقبل، اما آلية المساءلة قانونيا وكيفيتها والتعويض على المتضرر فلذلك حديث أخر.