كتّاب في الهواء الطَلْق .. !
حسين الرواشدة
23-06-2010 03:24 PM
ثمة كتاب مجدّون حَقاً لا نقرؤهم على الورق ، وربما لم يسبق أن التقيناهم ، لكنهم استطاعوا ان يحلقوا بعيداً في الهواء الطلق ، ترى هل ضاقت بهم رحاب وسائلنا الاعلامية التقليدية فآثروا (الطيران)؟ هل هربوا من زحام الزوايا الى فضاء أوسع ، هل اختاروا ان يجربوا (الاعلام البديل) بعد ان وصلت الينا (نعمة) التكنولوجيا على طبق من (كسل)؟
لا أدري ، ولكنني أشعر بأن بعض هؤلاء الكتاب الاعزاء اضافوا لتجربتنا نكهة جديدة ، ولحواراتنا - الصامتة احياناً - تيارات ساخنة أخذتها مجادفهم نحو لجج عميقة بعيدة عن الشواطىء الساكنة ، ولاجيالنا التي تحب (المغامرة) سهوباً اخرى غير تلك التي ألفوها ، ولأعيننا وإفهامنا حروفاً ، نافرة أحياناً ، نقرؤها بلا نظارات وبلا حاجة الى عدسات مكبرة.
تسألني من هؤلاء فأقول: هم كثيرون ، حفروا لهم في عشرات المواقع الالكترونية بيوتاً مفتوحة الابواب ، تنقر عليها بإصبعك فتدخل على الفور ، وتتجول فيها كما تشاء ، وترد على الفكرة اذا اعجبتك او لم تعجبك ، وتحس بأنهم أصبحوا جزءاً من حياتك ، او تركوا عليها (بصمة) ما ، او فتحوا في جدران اليأس التي احاطت بك (كوّة) تتنفس فيها او تمنحك بعض ما تحتاجه من ضوء.
هذا ، بالطبع ، ليس احتفاء مطلقاً (بالاعلام البديل) ، وانما ببعض النجوم التي تألقت فيه ، وهو احتفاء مشروع يستوجب التنويه لاكتمال النموذج ، وتجاوز ما يحدث من لُبْس وسوء فهم ، او من محاولات لاطلاق ا لاحكام ومدّ الاسيجة ، كما انه جزء من الواجب الذي تفرضه علينا (زمالة) الحرف الشريف ، وتزاوج (الضمائر) وتوّحد القيم والاهداف ، ناهيك من التعبير عن الاعجاب: اعجاب المحب الصادق لا السائح العابر،
ربما يكون (عمون) ، وهو اول موقع اخباري الكتروني في الاردن ، من ابرز هذه النماذج ، واكثرها التزاماً بالدقة والمهنية ، وربما يكون (نجمها) الاستاذ فايز الفايز ، الكاتب الاكثر اثارة للجدل ، وانا استأذن هنا في (انتقاء) النموذج ، لا انتقاصاً - لا سمح الله - من المواقع الاخرى وكتابها ، وانما من اجل الاشارة الى الظاهرة وتأكيد حضورها ، ولانني ايضاً - شخصياً على الاقل - من المتابعين لما ينشره صديقنا الاستاذ الفايز ، وهو - بحق - نوع مختلف عما نقرؤه ، سواء على صعيد اللغة وجزالتها ، او الطرح ووضوحه ، او على صعيد حسن التناول ، وعمق الفكرة ، وحرارة النفس ، وصدق الكلمة ، وهي سمات نفتقدها للأسف في هذا الزمن ، وشكل (قيمة) غائبة عن كثير مما يطفو على سطح موائدنا الفكرية.. المزدحمة بالزبائن.
ثمة فرق (هل هو فرق فقط؟،) بين من يكتب بقلم من رصاص او حبر او بكبسة زر على (الكمبيوتر) وبين من يكتب بوريد دمه ، او بمداد (قيمه) او بكبسة زر على (جراحه) ، وثمة فرق ايضاً بين من يَسْطر (بالنون) المجردة من هوامش الخوف وحسابات الذات ومغانم (النقطة) وبين من يسطر (بالنون) المكسورة والمجرورة الى الوديان ومياهها الاسنة ، ولك ايها القارئ العزيز ان تختار،
حين اقرأ فايز الفايز ، أشعر بأن بلدنا - رغم كل الهموم - بخير ، وبأن اقلامنا النظيفة ما زالت مرفوعة الرأس ، وبأن ضمائرنا وقيمنا الحية ما تزال في عافيتها ، وبأن (النون) التي قسم الله بها ما تزال معجزات تتوالد ، ومخاضاتها تنبئ بفجر جديد طالع من رحم هذا الدين الذي جعل الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة.. أصلها ثابت وفرعها في السماء.
ومن رحم هذا الوطن.. العزيز العزيز،.