رحلت الولايات المتحدة من أفغانستان بعدما انفقت عشرة تريليونات من الدولارات المطبوعة بلا رصيد من الذهب، وخلّفت وراءها معدات عسكرية بما يعادل مئة مليار دولار، وأفغانستان ليست حليفا للولايات المتحدة وهي مكروهة عند ذلك الشعب الذي يحتاج إلى عشرات السنين كي يعيد بناء دولة حقيقية، فيما الأردن من أميز الحلفاء الملتزمين مع أميركا، وكان سباقا في التصدي لما أُطلق عليه الإرهاب الشرق أوسطي زمن بوش الابن وما زال ملتزما باتفاقياته العسكرية والمدنية، ولكنه غارق في ديون أثقلت وطأتها تراب البلد الذي يصنف بالمحوري، فيما كان نصف المليارات من المعدات المتروكة هناك كافية لانتشال الأردن من معاناته.
في لبنان هناك تاريخ مرير في الصراع السياسي، فمنذ اتفاق الطائف ووضع الحرب الأهلية أوزارها وتشكيل حكومة رفيق الحريري، وقبل ان يتنفس اللبنانيون الصعداء برز حزب الله كلاعب مشاكس في حوزة الدولة، ثم شيئا فشيئا تعاظمت قوة الحزب الموالي لإيران حتى بات الشرطي القوي في الحاضرة اللبنانية، وتحول الصراع من تراشق بالبنادق الى تفجيرات حصدت أرواح العديد من الزعامات اللبنانية وآخرهم الرئيس رفيق الحريري، واستشرى خلال السنوات سرطان الفساد المالي والسياسي الذي انتهى اليوم الى سقوط ذريع لمؤسسات الحكم، وهو اليوم يواجه مستقبلا حالكا حتى مع الاتفاق على الحكومة الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي، في بلد الأرز والشحرور الذي لا يجد الكهرباء والغاز ولا المال.
في سوريا الأقرب للخاصرة الشمالية لعب الأردن دورا مميزا في دفع وتحييد العديد من الأخطار والجماعات المسلحة، التي عاثت على الأرض الشامية حربا وتقتيلا وإرهابا، عن الأراضي الأردنية ومساعدة الدولة السورية في حماية العشائر والبلدات في الجنوب السوري، وحربه على تنظيم داعش طيلة سنوات بقائه على الأرض السورية، واحتضن ما يزيد على مليون وثلائمة لاجئ سوري ما زال غالبيتهم على أرضه بسلام.
في العراق التاريخي الذي لم يرى العافية منذ احتلاله 2003 على يد الولايات المتحدة وحلفائها، ودخلت عليه كل شياطين الأرض، وطوقته إيران بحبل خنقه لثمانية عشر عاما، يبرز الأردن كداعم قوي لحكومة الكاظمي علها تصلح ما أفسدته قوى التطرف المختلفه والمحاصصة وسيطرتها على وجوده كدولة وأرض وشعب تقطعت أوصاله فيما تقترب الانتخابات التي يُعول عليها لإعادة الكاظمي مجددا حتى لا يعود العراق الى تخالف الأعراق، في سوريالية تشبه الشيخ المصلح بين الناس ولم يصلح أهل بيته.
في الأردن نرى كيف تلعب الدولة الأردنية دور الطبيب المداوي لكل ما ذكر أعلاه، فنحن مع افغانستان ونحن مع العراق ونحن مع لبنان ونحن مع عودة السلام في سوريا ونحن مع السلطة الفلسطينية ومع حل الدولتين وقيام الدولة الناجزة.
هنا يتبادر السؤال على ألسنة العديد من المراقبين: ما الذي سيجنيه الأردن من كل جهوده المشكورة بالطبع، ومتى نرى هبة عربية أو عالمية لنجدة الأردن تريح أعصابه السياسية وتحل ازمته الاقتصادية.
Royal430@hotmail.com
الرأي